أدبي

ليلة عنوانها الخيال

ليلة عنوانها الخيال

وقت النشر : 2022/02/21 03:15:35 PM

ليلة عنوانها الخيال

بقلم: إيمان خليل

ليلة عنوانها الخيال

– شجاعٌ أنت يا رجل.
= لماذا؟
– أراك صامدًا إلى الآن أمام عواصفي!
= غريب!
– بل أراك تلميذًا نجيبًا تتعلم من ماضيك.
= النيران لا تبقي على شيء عزيزتي، بالخيال ربما ركعت أمام عواصفك، بل وربما أخذت وارتويت حتى اكتفيت، أخبريني فقط.. كيف حال خيالك؟
– خيالي الآن مشتعل، ويشتهي كأسًا وسيجارتين.
= وأنا أسبح بخيالي مثلك، ولا يستوقفني شيء، ولأني أعلم أنه محض خيال.. فلتقيدني حدود.
– أوَ تسبح بدوني! ويلك مني كيف تجرأت؟
= لا، بل أسبح معك، أتخللك، أنساب بين أضلعك، أسكن بصدرك، أهفو من حولك، أتنسمك، أستنشقك، أملأ رئتي بعبير مسكك، وألتقط نفسًا قويا من بين خصلاتك الفواحة..
هكذا خيالي عزيزتي، أقتحم فيه عواصفك بلا رجوع، وأقف وسطها مبتسمًا، وأستعذب آلامها.
– وكيف أكون حينها؟
= جسد غض مرمري لملكة ذات شعر بورجاندي، تتمايلين، وتغمضين طرفك دلالًا فتأخذي لبي، ومرحًا، فتأخذي قلبي، وحزنًا، فتملكي روحي.
ليس لخيالي من طوق يحيطني، أو سوار يقيده.
– وكم مرة في النبضة الواحدة تخبرك فيها أني أحبك؟!
= أسمعها منكِ دون قولها، ألمسها في خوفك، وفي نظرتك، ويكفي هذا، بل يكفيني ويفيض، خيالي كجواد جامح ليس له رسن، لا يعقل ولا يقف.
– وكم مرة أحتويك بين أضلعي، وأربت بكفي على موضع ألمك؟
= أتذكر مرة كنت أتألم مكان قلبي، وحين وضعت كفك رجوتك أن تضغطين وسط ذهولك، ضغطتي حينها برقة فغضبت، قلتُ زيدي فزدتِ، قلت زيدي فزدتِ، قلت زيدي أكثر فزدتِ، حتى كادت روحي تخرج من بين أضعلي، حينها فقط ارتحت، وتنفست.
أنا أخبرتك أني أستعذب الألم خاصة لو منكِ، وبيديكِ.
– أوَكل هذا فعلت؟ هل حقًّا تجرأت وفعلت؟
لا أتحمل ألمك ولو أردت.. ولو طلبت.. ولو أمرت.
= بل فعلتِ.. لأجلي فعلتِها.
– لا أدري؛ أأحزن لفقد ذاكرتي المؤقت، أم أسعد وينشرح صدري لأنك سعدت مرتين؛ المرة الأولى عندما عشنا خيالنا سويا وحلقنا به، والثانية عندما تذكرني الآن به؟!
= وهل أملك معكِ إلا الخيال؟ أونسيتِ أيضًا بكاءك حتى بللتِ صدري؟ أونسيتِ آخر عناق وضمة مشتاق؟ لقد احتويتك، وضممتك، وقلتِ زِد فزدت، قلتِ زد فزدت، وضممتك حتى تنهدتِ.
– نعم، نعم، أظن أن ذاكرتي بدأت تعود.
أتذكر أني بعدها غفوت؟
= غفوتِ بالفعل، وظللتْ طوال الليل أداعب شعرك المنساب، ووجهك الغض، وشفتيك المرمرتين، ثم طبعت قبلة حانية على جبينك.
– حينها كنت فارغة منكَ فامتلئت.
= نعم، وكنتِ تشعرين أيضًا بالبرد فدفئتِ، وحين هممت بالقيام، أمسكتِ يدي ووضعتِها على صَدركِ فتنهدتِ مجددًا، وأخبرتِني ألا أذهب، ابتسمت وأكملت جوارك حتى الهزيع الأخير من الليل، وشق الضوء السماء، فانسللت بخفة.
– نعم، نعم، تذكرت، وحينها طلبت منك إحضار زجاجة عطري ورششتها حول عنقك، وتركت لكَ أثره، وقد فعلت.
= نعم فعلتِ.
– سيصبح حينها شهيقك وأكسجينك محملا برائحة عطري ليملأ روحك قبل رئتيك.
– مِسكي..
=قلب مسكك..
– ستظل أنفاسك هي إكسير الحياة لي.
روح كالمسك، فواحة كزجاجة عطر..

تمت المراجعة والتنسيق من قبل فريق ريمونارف الأدبية..

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى