أدبي

سارق الدمى

وقت النشر : 2022/04/24 03:57:07 AM

سارق الدمى

بقلم: شيماء محمد علي

 غرقت كعادتها في مهامها الكثيرة تحضر أغراض الجميع، تنظف المنزل، تصنع الطعام، يومها مزدحم كالعادة، أين هي من كل هذا!

طرق الضجر قلبها منذ زمن، أصبحت كالآلة تحاول التخلص من كل ما يمنعها عن آداء مهامها الرتيبة،

أقبلت ابنتها الصغيرة ذات العشر سنوات تطلب منها السماح لها باللعب أمام المنزل فأجابتها:

_حسنًا ولكن لاتبتعدي كثيرًا

=لن أبتعد لاتخافي يا أمي فمعي (سارة)

نظرت الأم إلى ابنتها وعلى شفتيها ابتسامة متعبة، كم هي صغيرة وبريئة هذه الفتاة،

تعتقد أن الدمية خير رفيق ربما كانت محقة أقلها لن تؤذيها، سمحت لها بالذهاب لديها الكثير لتنجزه.

ذهبت الفتاة برفقة (سارة) لعبا كثيرًا، ركضا سوية حتى أصابهما الإرهاق،

لكنهما كانتا سعيدتين؛ رفقتهما جميلة ليس فيها التزامات، أو عتاب، أو خصام،

ربما كانت سارة تتألم عندما تمسكها صديقتها وتركض بها أو تلوح جسدها في الهواء ولكنها لم تخبرها يومًا، فرفقتها تهون جميع الآلام.

 

تمددت الصغيرة بجسدها الغر على سجادة العشب القصير، وضعت دميتها (سارة) بجانبها لتتمدد بدورها،

تنفست بعمق أغمضت عينيها الجميلتين لتستمع ببعض الصفاء، وعندما فتحت عينيها

لم تكن سارة بجانبها قامت بفزع لدرجة أن العشب لم يتمكن من ترك أثره الرقيق فوق ثيابها النظيفة،

بحثت عنها في كل مكان لم تجدها، تساءلت لم تركتني؟

ربما غضبت مني، هربت حبات اللؤلؤ من مقلتيها، شعرت بالوحدة والوحشة، فجأة

فقد فارقتها صديقتها العزيزة والوحيدة التي لاتنشغل عنها أبدًا، لتكون هذه صدمتها الأولى

توقفت فجأة عن البكاء، ومسحت عينيها بطرف ثوبها عندما لمحتها خلف الأعشاب العملاقة.

كيف ذهبت إلى هناك؟ حذرتها كثيرًا من هذا المكان فأعشابه شائكة ولا تدري ربما اختبأ خلفها مايؤذيها،

دمية سيئة تحتاج إلى التأديب قررت ذلك،ولكن بعد إحضارها ذهبت إليها متحفزة،

ولكنها كلما اقترب منها كانت تبتعد وتتوارى خلف الأعشاب أكثر وأكثر،

والغريب أن تلك الأعشاب كانت تزداد طولاً وخطرًا، حتى أنها جرحت أقدامها وأناملها الصغيرة حين كانت تحاول ازاحتها للمرور،

لم تكتفي تلك الدمية بذلك بل استدرجتها لذلك الكوخ المخيف، فكرت في العودة

ولكن كيف ستترك دميتها؟ كما أن سارة هي الوحيدة التي تعرف طريق العودة،

ستحضرها سريعًا ويذهبا سويًا إلى المنزل لن تعاتبها ستسامحها ولكن بشرط أن تعيدها من حيث أتت.

وقفت أمام الكوخ نظرت إليه فزاد خوفها وارتعاشة جسدها الصغير، استدارت لتعود لكنه أحاطها من الخلف بإحكام لم يدع لها مجالًا حتى للإدراك،

جثم فوقها لينهل من براءتها فقد كان يتغذى عليها ليزداد توحشًا،

تعجبه الزنابق فيقطفها قبل أن تتفتح وتصبح ورودًا جميلة، هذا سر الحشائش المؤذية التي تمتلئ بها حديقته.

سكنت بين يديه وتلطخ ثوبها الجميل، رأت (سارة) كل شئ لكنها لم تستطيع حماية صديقتها أو تحذيرها،

أصبحت (سارة) ضمن ميراث سارق الدمى، وأصبحت صديقتها ضحيته الجديدة التي حملها بكل جمود،

ألقى بها بين الحشائش بالقرب من العشب القصير.أكل القلق قلب والدتها التي أنهت مهامها أخيرًا لتتذكر فجأة أن ابنتها مازالت غائبة.

علت النداءات باسمها ولكنها لم تجد أذانًا لتسمعها، ولا فم ليجيبها،

وأخيرًا، وجدوا الجسد الصغير مسجًا بين الأعشاب وقد افتقد براءته وحياته وفاضت روحه!

سارق الدمى
سارق الدمى

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى