أدبي

رفقا بمن أنهكهم القدر

وقت النشر : 2022/05/21 08:13:42 AM

رفقا بمن أنهكهم القدر

بقلم: إسلام العيوطي 

أسوأ ما قد يصيب الإنسان في هذه الحياة هو فقدان الشغف، أن يفقد شهيته لكل شيء وأي شيء

ولا يبالي ولا يعبأ بشيء من مجريات الحياة من حوله،

 فيفقد شهيته في القول، في العمل، في الضحك، في إظهار ردّات الفعل،

ويفضل الوحدة عن الاختلاط لأنه لا يجد من يفهم حديثه، فيؤثر الصمت عن الكلام.

أسوأ ما قد يصيبه أن يعيش بلا شعور؛ لا ألم ، لا ندم ، لا اشتياق، لا رفاق، لا فراق، و ربما لا مشاعر،

فيبقى القلب ينبض ويخفق جسدًا بلا روح، أو بالأحرى يموت المرء حيًّا!

فرفقًا بمن أنهكهم القدر بضربات متلاحقة أعجزتهم عن الصمود فأصبحوا من شدة ما أنهكهم الألم،

واستوطنهم الأسى يستجدون الدمع فلا يجدون إلا شعورًا خاملًا بليدًا، تحجر منه الدمع فى المآقي.

وليست الدموع دليلًا قاطعًا على الحزن، فأحيانًا تكون دليلًا على شدة الفرح والسعادة والسرور ،

وسبحان الله قد تجد من يتمزق قلبه ألمًا وحسرة ولا تدمع عيناه، يجتر آلامه ويتجرع أحزانه فى صمت دفين،

تراه وتحسبه من شدة الجلد كما قال الشاعر :-

كَجلمُودِ صَخرِِ حطّه السيل من علِ .

فرفقًا بهؤلاء، فلم تقوَ المقل والمآقي على الدمع ولم تقوَ الألسنة على البوح؛

فهم يلوذون بالصمت والوحدة لأنهم يشعرون بالغربة،فكن لطيفًا بهم لا ترهقهم بسؤالك ولا تحملهم ما لا يطيقون؛ فهم لأنفسهم جلادون، فكفاهم جلدًا.

 هم فقط يحتاجون لمن يطبطب عليهم ويبتسم في وجوههم ويهون عليهم آلامهم في الحياة بكلمة طيبة،

لا تدخل معهم في جدال لأنك سوف تخسره؛ فمصابهم في الحياة أنهم لم يحصلوا منها على ما يستحقون، ويرَوا من هم أقل منهم منعمون،

كفاهم أنفسهم وما في صدورهم يكتمون، فلا تحملوهم من الأمر ما لا يطيقون.

 ليتنا نرأف بهم حتى لا ينتهي بهم الأمر لأن يموتوا أحياء.

وإن كانت الدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة، لكن أكثر الناس لايعلمون.

رفقا بمن أنهكهم القدر
رفقا بمن أنهكهم القدر

زر الذهاب إلى الأعلى