أدبي

الليل

وقت النشر : 2022/08/06 07:10:45 AM

الليل

بقلم حنان درويش

فيما مضى عندما كنا لا نحمل للدنيا هماً. أطفال صغار لا أكثر ولا أقل. كان الليل يعني لنا الكثير. جلسات السمر التي نجلس فيها نستمع لحكايات تسردها لنا الجدات. تحكي لنا فيها عن مغامرات السندباد وعلي بابا والأربعين حرامي. والكثير من الحكايات. أحيانا ما كان يسردونا عن أبي رجل مسلوخة وكائن البعبع وأمنا الغولة. كنا نسمع تلك الحكايات المخيفة ونسرع إلى أمهاتنا نحتمي بهن. نشكو لهن خوفنا من تلك الكائنات المخيفة فتعلو أصواتهن بالضحكات. يرحبن بنا في واحة حضنهن فنطمئن ونسكن لبعض الوقت، ليعاودنا القلق ونحن على الفراش نستعد للنوم فنفزع فجأة نهرع إلي مهد المحبة. نطلب النوم بجوارها. تعلو البسمة وجهها حينها وتربت بجوارها على الفراش تدعونا للنوم بجانبها فنرتقي فوراً بجانبها. ننعم بالأمن والطمأنينة ونذهب في سبات عميق.

الليل هو صنع خيمات صغيرة من الوسائد لنفترش أرض الشرفة، نراقب تلك النجمات اللامعة ويسمي كلا منا نجمة على اسمه، نتشاجر على أكثرهن لمعانا،

والآن وقد أصبحنا نحن الكبار صديقي، لم يعد له معنى، فقط الوحشة والغربة. عندما نبحث عما رحلوا عنا فلا نجد منهم أحداً. لا أحد يحكي لا أحد يسرد، حتى عناق والدتك الدافئ لم يعد موجوداً. لقد كبرت وحرمت منه.

الليل بات المعنى الحقيقي للحزن لهبوب رياح الذكريات تنظر من حولك فلا تجد سوى قطع من الآثاث لا تؤنس وحشة ولا تبث طمأنينة. حتى الشرفة أصبحت بلا معنى فلا هناك من يتشاجر معك على نجمة ولا هناك من يتذكر من صاحب هذه النجمة، فقط كأنك تنظر لبساط مزين بالنجوم.

الليل كان صحبة وعناق وأمان، وبات وحشة وغربة وخوف.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى