أدبي

أحياء وأموات

وقت النشر : 2022/10/03 06:49:00 PM

أحياء وأموات

بقلم: ماجي صلاح

كان ياما كان في كل زمان ومكان، حاكم ومحكوم. بنو آدم وإنسان.
فاسمعوا مني أنا الذي يعزف على ربابة الزمان. قصة أرض في ركن ضائع معلوم يحكمها سيّد بيدٍ من حديد لا تقبل حوارًا ولا تغييرًا. ولا يهمه الأمان أو صنع الخير لحيوان أو إنسان.

حتى كان يومًا جلس السيد يتعالى على البشر. يطالعهم من علياء ماله. وقد خيم على المكان حديثٌ هامس، وقد سكن قلوب البشر ظلام دامس.

وببقعة نائية صغيرة ظهر ضوء وتجلى فيها عجوز يتكئ على عصاه، ظنه جاء يطلب بعضًا من عطاء.

قال السيد:
– اذهب يا هذا فما أملكه هو لي… وليس لكل عابر سبيل. قد أرهقني جمعه. واستنزف مني الوقت والعمر.
فارحل وهذا مني لك أمر.

تبسم العجوز بسخرية وقال:
– يا مقتر، لا أطلب منك إحسانًا. فهو لك طريق الأمان، فترفق بنفسك ولا تجعل أيامك تذروها الرياح، أو يغرك الزمان. وافهم أيها السيد على مالك لا تخشى مني، ففقري رفيقي، والحزن حتى الممات سيظل صديقي، وإن زارني فرح شعر الزمان بضيقي.

تموضع السيد غاضبًا:
– أأنت مرشدي؟
وقف يتهادى بخيلاء.
قال بنزق: أنا سيد الأذكياء.
قال العجوز:
سأسألك سؤالًا بسيطًا بسيطًا وأجب إن كنت تملك بعضًا من ذكاء.
قال:
أنتم لي عبيد، فكيف يسأل العبد السيد؟!
تمتم العجوز:
– أتخشاني أيها السيد المتسلط؟
قال: اسأل يا هذا
قال:
-أيهما الأصل في الوجود؟ الظلام حين يلتحف به الكون أو يخترقه بصيص من ضياء؟ أهي الفوضى حين تعم القلوب أو ترتيب العقول كما الأشياء؟ أن أغفو كالعزير مائة عام أم أخوض غمار الحياة؟ أتسبيحة وسجدة في محراب، أم مساعدة من يرجون رحمة الله؟

بوجهٍ عبوس قال:
ما هذا الهراء! ما شأني أنا بالظلام والضياء والفناء والبقاء؟ تغفو أم تبقى حتى نهاية الدهر ضائعا!
الأهم أنا. أن أكون على القمة بلا استثناء.

قال العجوز:
– أصبت أصبت يامن تظن أنك ملكت الدنيا وما فيها، تذكر أن الدنيا يومٌ لك ويومٌ تصم الآذان فلا تجيب مناديها، فعشها كما تشاء واجمع بيدك كل نواصيها.
زائلة هي حتى لو عمرنا الدهر فيها.

خرج العجوز وتلاشى بين طيات الزمان، بعد أن ترك علامة في المكان.
وقد أدرك أن السيد عن قريب..سيكون في طي النسيان.

أحياء وأموات بقلم: ماجي صلاح
أحياء وأموات
بقلم: ماجي صلاح

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى