
صوفيا
الجزء (6)
بقلم: مونيا بنيو
كان الزوج الذي رسمته في خيالي. يروق لي حتى في أوقات غضبه، كان رؤوفًا بي حتى في جنوني وطيشي ودلالي اللامعقول. كان يحتويني بكل ترّهاتي، كنت أكثر سعادة كصبية أستمتع بدلالها وغطرستها البريئة، كان فعلا أبي وأمي وإخوتي وصديقي وكل العالم، كان النور والشمس وكل أنفاسي، لا يهدأ لي بال إذا فعل شيء دون قصد إلا بعد أن أعاتبه وأكون ملء ذراعيه، لا تسكن روحي إلا بعد أن يمرغ رأسي في عطر روحه بعد أن أفتعل المشاكل والشجار البريء كطفلة صغيرة.
أستغرب من طريقتي المضحكة أحيانًا كما تعودت، لكن بدون جنوني لا حلاوة للحياة، وكأنها مرآتي التي لا أستغني عنها، يسعده شعوري بانتصاري، حقًا إنه قادر على تعويضي عن عائلتي، وقادر على امتصاص غضبي وحزني لغربتي وبعدي عن أهلي.
استطاع في وقت قياسي أن يكون كل عالمي، وسبب سعادتي، وطمأنينتي، وسكينتي، لقد منحني الأمان وكل الحنان، لدرجة أني لم أعد أسأل عن والدي وعائلتي كثيرًا.
مخاوفي وحيرتي
ورغم ما يعاني من مشاكل في عمله، وإخفائه لكل الكوارث التي حلت به، حتى أن دق باب البيت يومًا، دق طارق الباب، فاتجهت لفتحه كالمعتاد لعله ضيف أو أحد إخوتي، لكن هذه المرة وجدت شرطيًا بيده ورقة. سألني عن اسم زوجي وعلي الاستلام، استغربت الأمر، وما كان عليّ إلا أن استفسرت وقرأت المحتوى، إنه استدعاء!
وقعت واستلمت الورقة. والشيء الذي زاد استغرابي لماذا وصلت الورقة لعنوان البيت؟
لما لم تذهب لمكان عمله؟ فما كان عليّ إلا أن أستفسر عما يحدث. اتجهت لوالدته التي لم تكن تعلم شيئًا، ولما ازداد قلقي اتصلت عليه،
فكان هاتفه مقفلًا، ظللت في حيرة إلى أن حضر في وقت متأخر جدًا، تعمدت عدم الكلام إلى الفجر، فاستيقظ باكرًا وكان في عجلة من أمره، فكثرت مخاوفي وحيرتي. اعترضت طريقه طالبة منه تفسير غيابه وسبب هذا الاستدعاء، وما الذي يحدث، فما كان منه إلا أن صارحني بكل ما يحدث. عرفت غارق في بعض المشاكل، لقد تم التحايل عليه وعلى عقاراته وسيصبح في وقت قصير إن لم يستطع أن يثبت ملكيتها وأنها مكيدة، سيخسر كل شيء.
الكابوس
هو الآن يسافر يوميًا ليبحث عن كل الأدلة ليثبت أن كل هذا ما هو إلا مكيدة خاصة. وأن الشخص الذي سيساعده على فراش الموت.
هدأت من روعه، ودعوت ربي أن يفك كربته
آملة ألن يعيقه أمر كهذا. وأنه سينتهي من هذا الكابوس قريبًا، لكن الامر كان أصعب مما تصورته. فقد خسر كل شيء بعد وفاة الشاهد الوحيد على صحة وسلامة أعماله. أصبح رهن القضاء، ويحتاج الكثير من المال. اضطررت أن أبيع الكثير من مجوهراتي لأنه خسر الكثير.
وزاد على مصائبه تعرضه لحادث كاد أن يودي بحياته بسبب همه وغمه وما ألم به من أقرب المقربين إليه في عمله. أصيب بمرض نفسي ولم يستطع الأطباء تشخيص حالته.
كانت صوفيا في حزن كبير، خاصة وأنها في أمسِّ الحاجة لزوجها. كانت تستعد لتخبره بما يسر قلبه. وبمن سيزيد البيت سعادة، لكن الوقت لم يكن مناسبًا أبدًا؛ فلم يعد هو، لقد أصبح شخصًا آخر.

الجزء (6)
بقلم: مونيا بنيو