أدبي

أنا لست جميلة

وقت النشر : 2022/11/30 10:19:34 PM

أنا لست جميلة

بقلم: مصطفى نصر

وقفت زينب أمام المرآة، وتمعّنت في وجهها الذي تكرهه كثيرًا. لاتصدّق الكم الهائل من القبح الذي يتجلى أمامها.
إلهي! كم تكره هذه الأعين المبطّنة التي تمتلكها، والأنف المعقوف الذي يثقلها. كم تكره هذا الشعر المجعد الطويل والغزير. وهذه البشرة الجرداء، تمنت لو كان بإمكانها أن تذهب لأقرب سوق وتشتري (نيو لوك). لقد ملت من هذا الوجه القبيح الذي ظل يلازمها خمسة وعشرين عامًا.

تتمنى زينب كل يوم لو أنها تستيقظ من نومها يومًا ما فتجد نفسها بغير هذه التضاريس التي تكرهها. اشتكت لأمها من هذه المشكلة التي تؤرقها. وكذلك ألقت باللوم على فقرهم. حدثتها عن أنها لو كانت من عائلة ميسورة الحال لأجرت خمس عمليات تجميل على الأقل لإزالة هذا القبح.
كانت أمها تحدثها بأن وجهها من أهم وأجمل الوجوه التي تحبها  وأنها تراها ملكة جمال الكون كله، لكن زينب ما كانت ترى في هذا الحديث سوى إنشاء كلامي مدهون بماء الكذب.

البثور

توقفت زينب ذات يوم عن النظر للمرآة حتى لا تُصدم بهذه الخلقة الكالحة، وهذا الوجه الدميم الذي تغطيه البثور. وقررت في ذلك اليوم أن ترتدي النقاب لتريح العالم من هذا الوجه القبيح. وليس لأغراض وموجبات دينية، ولم تدرِ زينب أن الجمال الحقيقي هو الجمال الداخلي. جمال الروح والخلق الذي يزيد الانسان جمالًا فوق جماله. كما أن الجمال الخارجي ربما يمحوه مر السنين، وربما يتبدد مع مرور الزمن.

أصبحت زينب أكثر تقوقعًا وزهدًا في الاتصال بالعالم الخارجي، إلى حد أن فزعت أمها لبعض صديقاتها المقربات. ناقشت معهن ما تعانيه ابنتها. ناشدتهن بأن يبذلن جهدًا في إخراجها من هذه الحالة. بدأت صديقاتها في بث الثقة في نفسها ومحاولة إخراجها من إحساسها السيئ، لكن دون جدوى، إلى أن جاء ذاك اليوم الغريب ليقع في حبها شاب وسيم رغم ما يقال عنها من إنها ليست جميلة. لكنها أصبحت دون غيرها من آلاف النساء الأكثر منها جمالًا. جميلة قلبه، ومراد حبه المتوج على عرش الجمال. أيقنت زينب أن الحب سلطا.، فهو عندما يأتي يكسر كل القواعد والقوانين، فرب امرأة في غاية الوسامة تجعلنا نتعجب لسر ارتباطها بهذا الشخص الدميم الذي اختارته شريكًا لحياتها، أو العكس. فالحب، لغة عالمية تتجاوز كل معايير الشكل والسن وقوانين الجنسية والهجرة.

أنا لست جميلةبقلم: مصطفى نصر
أنا لست جميلةبقلم: مصطفى نصر

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى