أدبي

سارة والملك الأسود

وقت النشر : 2022/12/20 08:06:07 AM

سارة والملك الأسود
بقلم: عبدالحميد أحمد حمودة

بعد عدة أيام أخبرته سارة:
-الليلة ضربت على ظهري بقوة كما اعتدت أن أضرب من قبل، إنها نفس الضربة.
-أنا مندهش جدا، كيف حدث ذلك وهو معك، هذا تأكيد على أنه فعل ذلك.
-لا، إنه ليس هو ويقول إنه لم يفعل.

جعل اللوم على من معها، لأنه يعلم ألا أحد من الجن قادر على الاقتراب منها، ولا أحد معها غيره، والتقى بمحمود
– أخبرتني اليوم أنها تعرضت لنفس الضربة التي تعرضت لها من قبل ولن أتركه معها
– تحلى بالصبر، سنتحدث معها ونرى ما سيحدث ومن فعل ذلك

تحدث معها محمود عبر الهاتف، وتفاجأت أثناء المكالمة:
– أرى أمامي شيئًا أسودًا، إنه من كان يضربني من قبل
– أنت لا تريديه معك؟
– لا أريده معي.
-سوف نأخذه.
-كنت أعلم أنه لم يكن هو وكان شخصًا آخرًا.

ذات صلة

لم تكن تعرف أثناء حديثها مع محمود، كان يبحث هو لمعرفة من الذي اقترب منها، وعندها استدعى الأميرة أديرا.
– أريد أن أعرف من هو الذي اقترب منها ومن يتبع
-كل ما يمكنني قوله هو ابحث عن الرجل الأسود الذي معها ستعرف كل شيء.

في ذلك الوقت، أدرك أن الأمر كبيرًا ويفوق قدرتها
-أين عفريتي؟ هل هو فوق قدراتك أيضا؟
سمع ضحكته تتلألأ في المكان وكأنها رعد.
-اعلم أخي، لم أرغب في أن تتورط في ذلك، ونخوض هذه الحرب، لكن أمر الله قد نفذ، إنه ملك عجوز ساحر يتبع الشيطان من جبال كنعان ويتبعه بعض الملوك، ومن اقترب منها هو ملك يتبعه بأمر منه، من كثرة غضبه منها، ومحاولا معرفة قدراتك للوصول إلى الحقيقة حتى يعرف كيف يتخلص من الأسر.
-أحضره الآن أمامها لتتعرف عليه، وقيده ويسجن ولا يخرج أبدًا.

في ذلك الوقت رأته أمام عينيها، وتم جره إلى السجن إلى أن يشاء الله.
-هل تعلم يا محمود أنه من اتباع الشيطان؟
-كنت أعلم أنه ملك شرير، لكنني لم أكن أعرف أنه من أتباع الشيطان.
-إنه قبيح جدًا، أسود اللون، وعين واحدة في منتصف جبهته، عندما يغضب، تظهر له عينان من اللهب الأحمر، وله قرنان، يشبه الغول، وأظافره كبيرة جدًا، ورائحته كريهة جدا، سأعيده إلى السجن مرة أخرى.
– اتركه تحت السيطرة، قد يصلح حاله في يوم من الأيام
– الله أعلم.
– إنه الآن ضعيف وليس لديه قوة ربما يتوب إلى الله.
– أراك تبحث عن المنفعة فقط، لكن سأنتظر حتى يشاء الله.

كان فقط يستمع ويعود مرة أخرى للعفريت
– هل نتركه دون سجن؟
– لا تقلق بشأن أي شيء، فالقوة التي لديك قادرة على القضاء عليهم في غمضة عين، سيكشف لنا وجوده الكثير عنهم وألاعيبهم وخطتهم، وأعلم أنه مقيد وغير قادر على المغادرة أو التحرك في أي مكان.
-المهم أن الفتاة لا تتضرر منهم، إني خائف عليها بشدة
-كن مطمئنًا أنه لن يحدث لها شيء أبدًا إن شاء الله، نعلم أنك تحبها ولهذا نحافظ عليها بشكل جيد.

ومرت الأيام واتفقوا على اختبار قدراتها في الكشف ورؤية هذا العالم، التقوا جميعًا وجلسوا يتحدثون، حاولت أن تنظر إليه وتكشف ما لديه
– أنا غير قادرة على النظر إليك، حولك الكثير من الضربات الضوئية في عيني.
-لا تركزي، ركزي على رؤية ما تحت الأرض.

أخذوها إلى عدة مناطق ليكشفوا ما تراه، وكانت غير دقيقة، لكن الملك الأسود خوفه جعله يخبرها ببعض الحقائق واعتمد على تضليل رؤيتها، معتقد أنهم لا يعرفون.
لكنه لم يكشف لها ولمحمود الأمر، وكان كل تركيزه على حمايتها من تلاعب من معها ومن أي جن أينما ذهبت.

وعندما رآها سعيدة جدا تحدث إلى العفريت:
– أراها سعيدة برؤية هذا، لكن من معها فهو خبيث للغاية، لا أريده معها وأريد أن يكون أحدكم معها.
-تحلى بالصبر ولا تتعجل، سنعمل على الخير إن شاء الله، أنا أراها، فتاة جيدة وتصلح زوجة وسند لك.
-لكنني لا أريد أبدًا أي شيء خبيث معها.
-اطمئن يا أخي سترى كل ما يسعدك إن شاء الله.

عندما حان وقت ذهابها بينما كانا في طريقهما إلى منزلها، دار محادثة بينها وبين محمود:
-هل تريدين الزواج أو العمل؟
-أحب أن أعمل أكثر لا أنكر أن فكرة الزواج تأتي لي في بعض الأحيان، لكني أحب أن أكون حرة، ولا شيء يربطني.
في ذلك الوقت، نظر إليه محمود بدهشة، لكنه لم يتكلم وسكت حتى ذهبت إلى منزلها.

تحدثت معه عبر الهاتف:
– في جني من إحدى المناطق أتى معي إلى هنا.
– كيف هذا وكيف تركه معك؟
– هو الذي أخذه معنا.
غضب من ذلك، اتصلت مرة أخرى وهي غاضبة:
-هل رأيت ما حدث بينه وبين من جاء إلى هنا ضربه وطرده، كلامك تسبب في هذه المشاجرة.

كان غاضبًا أيضًا من أفعالها لكنه حاول السيطرة على نفسه، الملك يتلاعب برؤيتها لاشياء غير حقيقية

مرت الأيام وكان يعتني بها جيدًا من بعيد، ومنع أي من الجان من محيطها من الاقتراب، وكان العفريت يلاحقها من أجل الحفاظ عليها وهذا جعل الملك الأسود حزينًا للغاية، امتلكه اليأس، إذ رأى أن قوة العفريت التي كان يراها لا حدود لها، فكيف تكون قوة ما يخفي عنه ولا يعرفه؟
بدأ يخبره من خلالها أنه طيبًا ومحبًا حتى يتمكن من الحصول على المساعدة ويكون قادرًا على التحرر من قيوده، يحاول الإيقاع بينه وبين محمود، وهو يعلم الحقد والخبث ويعلم كل شيء عنه، لكن لم يعلمه أنه يعلم ما يدار من قبل أعوانه، والحاكمين عليه، ولم يظهر له.

حتى ذات يوم كانت غاضبة جدا من أحد أقاربها:
-سأنتقم منها واجعلها عبرة
-اهدئي فالأمور لا تأخذ بهذا الشكل
-لا، سأجعلها تندم على ما فعلته

رآها تعتمد على من معها في غضبها للانتقام منها، لكنه حاول تهدأتها ولكن دون جدوى.
-دخلت غرفتي واعتذرت لي.
-لقد أخبرتك، فالأمر لا يستحق كل هذا.

كانت لطيفة، لكنها في غضبها تصبح شيطانًا لا يستطيع أحد إيقافه.

التقوا جميعًا بكافيه جوار منزلها، كان لقاءً جميلاً للغاية حتى تحدث محمود
-اعلمي أنه تابع لنا الآن، وأنه لا يستطيع فعل شيء محرم ولا يتجاوز الحدود، وأن الغرض من وجوده هو التعاون فقط على الخير.

كانت تحدق في محمود بشدة وهو يتكلم وهي صامته
وهو جالس لا يتكلم وينظر اليهم في صمت، وعندما تكلم معها نظرت إليه وغضبت وطلبت الذهاب إلى دورة المياة وعندما عادت وجهت كلماتها لمحمود
-هل هو آمن؟
-نعم
نظرت إليه بقوة
-ماذا تريد منه، وأعلم أنه لا يمكنك الاقتراب منه؟
نظر إليها وهو يبتسم وهي غاضبة، وعندما اشتد غضبها -غادروا المكان.
تفاجأ محمود كثيراً بما حدث منها مع صديقه ولم يتكلم
حتى اتصلت به، أرادت التحدث مع محمود
-إنه غاضب جِدًّا منه ويريد الذهاب إليه، وأشعر بنار داخلي.
-اطمئني، لم يحدث شيء، كوني هادئة فقط.

نظر إليه محمود:
-رأيت ما حدث منها وكيف كان رد فعلها، اعلم جيدًا أنه إذا كان عليها الاختيار بينك وبينه، فستختاره.
-أعرف ذلك، المشكلة كانت معك لكنها تخاف عليه وبسبب غضبها منك قلبته علي، تظن أنه معك ولا قوة لي عليه ولهذا وجهت غضبها علي، وهو الآن يلعب بشكل خبيث، معتقدًا أنني لا أعرف شيئًا.

في ذلك الوقت، تذكر أنها أخبرته بحلم رأته
-رأيت أننا نتشاجر مع بعضنا البعض وحاولت التصالح معي، لكنني انتحرت وقطعت شريان يدي.

اتصلت به على الهاتف:
-أين الملك الأسود؟ أنا لا أراه أو أسمعه ماذا فعلت به؟
لقد غضب.
-أنني لم أفعل أي شيء معه فهو معك.
-لا ، ليس معي، لا أشعر به.
غضب أكثر وارتفع صوته:
-هو معك
-نعم ، سمعته يقول إنه هنا، لكنني لم أسمعه أو أراه.

بسبب خبثه يريد أن يوقع بينهما، ولكن لما اشتد غضبه خاف على نفسه أن يفعل معه شيئًا، فقال إنه معها، مع ما حدث قبل منه وما يفعله، وهي تراه ملاكًا صالحًا، ولا تعلم أن الحاكم عليه إرسال أتباعه ليفتديه ويسلم إليهم.
-هل يعرف الحاكم عليكم ماذا فعل تابعة بالفتاة؟
– لا يهتم الملك بما يفعله أتباعه مع عبيدهم.

عندما سمع ذلك، اشتد غضبه، وأمر بقطع رؤوسهم وتحذير حاكم الملك الأسود من الاقتراب مرة أخرى حتى لا يكون في حالة حرب معه، ويصبح رفيقه في السجن، لكنهم لم يلتزموا الصمت، بل أرسلوا هواتفهم لها.

كانت خائفة وأخبرته
-إذا لم يخرج الملك، سينتقمون مني ويقتلوني.
-إنها هواتف وليس لديهم القدرة على الاقتراب منك.

رغم أنها تهديدات غير مجدية إلا أن خوفه جعله يرسل للمحارب ويخبره.
-علمت ما حدث وما أرسلوه إليها.
-نعم، كن مطمئنًا، لقد أرسلنا أميرًا محاربًا على شكل طفل صغير، ستراه كطفل ونمر كبير عند الضرورة يقتل الأعداء ومعه جيش كبير من فصيلته.
-اعتقدت أنك بعيد عن الأمر، ولم أكن أعلم بأنك قريبا جدا.
-فقط من أجلك، لقد أدخلت نفسك في شيء لم نرغب في الدخول فيه.

تركه وذهب وتحدث إلى العفريت:
-أريد شيئًا ولا يمكنني فتحه مع المحارب، أرى أنه لا يريد أن يبدأ أي شيء.
-يديرون كل شيء بحكمة.
-سأفكر في الأمر وأخبرك لاحقًا ماذا نفعل.

مع مرور الوقت كان يقويها روحانيا وكانت مرتبطة به كثيرا وهو أيضا حتى جاء يوم أصابها تعب شديد وكادت تموت حيث انخفض ضغطها فجأة، لكنه شعر بذلك وجعلها تأكل شيئا يرفعه، وجعلها تخرج ليلاً برفقة والدها ليقيس الضغط وبالفعل وجدوا أنه منخفض وما أكلته رفعة مرة أخرى، شعر في ذلك الوقت أنه يحبها كثيرًا لدرجة أن روحه كادت أن تخرج معها.

وذات يوم حاول أن يجعلها ترى من معه.
-الآن سأعمل على رؤيتك لمن معي.
-أنا جاهزة لهذا، أرى بابًا كبيرًا.
-سيتم فتحه الآن
-نعم، فتح أمامي، لكني أرى رجلًا كبيرًا جِدًّا، لا أرى رأسه، بسبب حجمه الكبير يقف أمامي وله نور.
-الطريق سيفتح لك الآن.
-دخلت، أرى نورًا يملأ المكان، لا أرى شيئًا منه، أرى كلمة الله مكتوبة بنور أمامي في السماء، أرى نسرًا أبيض كبيرا يطير في السماء، إنه يتقدم نحوي سريعًا.
-سيقف الآن.
-نعم، لقد وقف أمامي محلقًا في السماء.
-لقد سألت الملك الأسود عما رأيت فقال لي: لا تسأليني عنهم ولا تشركيني في الأمر، لكني أشعر أن لديك قوة رهيبة في هذا العالم.

في ذلك الوقت، سمع المحارب وهو غاضب منه:
-لماذا فعلت ذلك؟
-لماذا أنت غاضب؟ إنها قريبة مني.
-لقد ارتكبت خطأ كبيرا، وسوف تندم عليه.

وذهب المحارب وتحدث إلى العفريت:
-لماذا هو غاضب جدا؟
-إنهم لا يريدونها أن تراهم وتعرفهم، فهم يعرفون ما لا تعرفه.
-ما الذي لا أعرفه؟
-ستعرف كل شيء في وقته.

والتقوا جميعًا مرة أخرى والتقيت به أولاً وجلسوا معًا وكانت لطيفة جدًا حتى بدأ الخلاف بينهم مما أغضبها وامتنعت عن التحدث إليه.
وذهبوا جميعًا، لكن هذه المرة لم يستجب الملك الأسود لأي شيء.

نظر إليه محمود وقال:
-أعلم أنها الآن ترى بمن معك وليس به، لقد استنفد كل شيء وحان وقت قتله.
-افعل ما تريد.

لكن لم يكن لمحمود أي سلطة عليه، فقد كان في قبضة العفريت وأمر بأخذه بعيدًا وسجنه.
وتذكر في ذلك الوقت أنها أخبرته عندما عرفها أنها مرت بأوقات نفسية كانت صعبة للغاية.

وتحدث إلى العفريت:
-الآن نحن نعرف أسباب وجودهم، يرونها فريسة سهلة لهم.
-أرض خصبة لزراعتها يا أخي الحبيب.
-أنا خائف جدًا عليها، أشر إلى ما يجب أن نفعله.
-لا تخف يا أخي الحبيب، سأكون مثل ظلها، لن أتركها أبدًا، لكن اعلم أنه ليس لدي سلطة لإبعادها عن وساوسهم لها، إنهم يركضون كالدماء في الأوردة، يلقون سمومهم من بعيد، عليها أن تنتبه لذلك.
(وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۚ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).
-اللهم أصلحْ أحوالَنا، واجمعْ شملَنا ووحدْ صفوفَنا وارفعْ رايتنا ،وألف بين قلوبِنا، واطرُدِ الشيطانَ من بيننا.

زر الذهاب إلى الأعلى