أدبي

قراءة فنية في أسرار كتابة النص المسرحي ” الجزء 12″

وقت النشر : 2023/05/26 02:35:01 PM

قراءة فنية في أسرار كتابة النص المسرحي

“الجزء 12”

الموثرات الفنية في العمل المسرحي “2”

 

 

بقلم: مصطفى نصر 

 

أولًا: تقنيات الإضاءة:

تمثل الإضاءة المسرحية جانبًا مهمًا من جوانب العمل التصميمي، وترتبط به إرتباطًا وثيقًا نظرًا لطبيعتها الحيوية، وما تحققه من جوانب تصميمية مهمة تدخل في تشكيل الصورة المسرحية، ومن ثمَّ العرض المسرحي كونها لم تعد عنصرًا جماليًا يتم توظيفه في العروض المسرحية توظيفًا دراميًا فقط، وإنما تمثل بتصميمها ووفقًا للتقنية الجديدة الإبداع الضوئي الذي يعد من أهم العناصر المسرحية التي تدخل في جماليات العروض المسرحية، “1” وذلك لما للضوء من معانٍ ومدلولاتٍ رمزيةٍ وروحيةٍ، ولما يمتلكه من قوة محركة تزود العرض المسرحي بالحياة مع تنوعه الإيقاعي المبهر للعين، وإرضائه لحاجة المتلقي البصرية والوظيفية؛ لذلك نلاحظ الاهتمام الملحوظ من قبل المخرجين ومصممي سينوغرافيا العرض المسرحي بالإضاءة باعتبارها خطابًا بصريًا وظيفيًا يقوم بدور هام بعملية الخلق والإبداع التي يتأثر بها المشاهد..

والإضاءة شأنها شأن العناصر الأخرى المساهمة في سينوغرافيا العرض المسرحي لها قيمًا تعبيريةً خاصة أخذت بالتميز خصوصًا بعد التطورات الكبيرة التي حصلت تحت ظل التقنية الرقمية الحديثة، فأصبحت أهمية تصميم الإضاءة تكاملية مع بقية عناصر العرض المسرحي الأخرى.

أنَّ تطور الإضاءة ارتبط بتطور سينوغرافيا العرض المسرحي، ويمكن أن نجد هذا عن طريق الاستعمال المنطقي لتوظيف مساقط الضوء المتنوعة لزوايا الإضاءة وشدتها وعلاقة ألوانها بمفردات المنظر المسرحي، والممثل وحركته على خشبة المسرح، وإمكانية الضوء في التعبير عن أجواء معينة ذات خصوصية فلسفية أو نفسية..

وهذا يعني بأنه من الخطأ الفصل بين تصميم الإضاءة وتصميم المنظر والممثل؛ لأنَّ الديناميكية الخاصة للضوء تأخذ بالهيمنة على كل عملية التصميم والإنتاج المسرحي على خشبة المسرح، لتحقق الإضاءة قيمة جمالية على الخشبة، فنحن مطالبون بمراعاة التباين بين كمية الإضاءة الموجهة إلى الخشبة وبين المنطقة أو الأشخاص أو الديكور وملحقاته.“2”

إذًا فالضوء يمثل ركنًا أساسيًا من العلاقة الثلاثية بينه وبين المنظر والممثل، كما هو اللون الذي لا يمكن فصله عن الضوء وهو الصفة البصرية التي تطلق على كل سطح ومصدره الضوء، أي بدون الضوء لا وجود للون؛ وذلك لأن الضوء يتحلل فيزيائيًا إلى سبعة ألوان، يتحدد كل منها بطول موجي له خصوصية تختلف عن الآخر، فعند سقوط الضوء الأبيض على سطح ما فان السطح يمتص جزءً من الأطوال الموجية ويعكس الجزء الآخر، وإنَّ هذا الجزء المنعكس هو الذي تتحسسه أعيننا هو الذي يعطي صفة اللون لذلك السطح.

إذًا اللون هو ذلك التأثير الفسيولوجي “أي الخاص بوظائف أعضاء الجسم الناتج على شبكة العين” سواءً كان ناتجًا عن المادة الصبغية الملونة أو عن الضوء الملون. “3”

إذًا يشكل كل من اللون و الضوء قيمة كبيرة في عملية الإدراك الحسي والجمالي للعرض المسرحي؛ وذلك لأن عملية الإدراك تعتمد مبدأ الإبصار، هذا من جهة ومن جهة ثانية فإنَّ الإدراك هو“إستجابة نفسية لمجموعة مركبة من التنبيهات الحسية مصدرها العالم الخارجي“. “4”

إذاً يعد اللون العنصر الذي يشترك مع عناصر أخرى في تكوين سينوغرافيا العرض المسرحي.

ثانيًا: المكياج والأزياء.

تكتسب الأزياء المسرحية أهمية بالغة في التعبير الجمالي والدرامي عن الشخصية المسرحية، وعن مكان الحدث وزمن وقوعه، وأيضاً دورها في تجسيد وإيصال معاني العرض المسرحي منفردة أو بالإشتراك مع العناصر السينوغرافية الأخرى، كالمنظر والإضاءة والملحقات وغيرها.

فالأبعاد التاريخية المتوافرة في ظل أي شخصية درامية نستطيع التعبير عنها بشكل ونوع وخامة الزي الذي ترتديه تلك الشخصية، كذلك نستطيع تحديد مزاجها وتأثيرها وقوة مركزها أو ضعفه من خلال اللون، وتركيب شكل الزي الذي تظهر عليه.

فالأزياء المسرحية تساعد المتلقي على فهم طبيعة الشخصية وتكوينها الإجتماعي ومركزها، لأنها في أغلب الأحيان تكون نقطة الإحتكام الأولى للمتلقي في لقاءه بالممثل، ومشاهدته للشخصية التي يقوم بتجسيدها على خشبة المسرح، فالزي المسرحي يعمل بصفته موصلًا طبيعيًا بين شخصية الممثل الإعتيادية وبين الشخصية التي يتقمّص أداءها ويستعمل ملحقاتها..

ويمكن تحديد أهم وظائف الأزياء على النحو التالي:

1_ تسهم الأزياء بسِمة التخصيص في العرض المسرحي؛ لإظهار الطراز والعصر والوسط الإجتماعي والذوق الشخصي للشخصية المسرحية.

2_ تساعد الأزياء على الإستدلال الدرامي لظروف الأحداث المسرحية ، من خلال التعرّف على الشخصية أو كونها متخفية

3_ الأزياء تميّز علاقة العرض المسرحي بالواقع الاجتماعي

4_ كما أن  الملابس توظف لكشف العصور التاريخية، فملابس العصور القديمة غير ملابس العصور الحديثة وموضة الأزياء في الخمسينيات والستينيات غير التي تستخدم الآن.

الماكياج يرتبط بالممثل مباشرةً من خلال وجهه وظهوره على خشبة المسرح ويأخذ حيويته وقدرته على التعبير من تقاطيع وقسمات ذلك الوجه، حيث يساعد الماكياج على خلق وتدعيم مزاج الشخصية، وشكلها الخارجي وإبراز حيوية الممثل والشخصية من عدمها والمساهمة في توكيد الجو العام للعرض مع بقية العناصر الفنية، حيث يستعمل الماكياج في المسرح للتعبير عن غرضين أحدهما وظيفي والآخر جمالي.

أمّا الغرض الوظيفي فيقوم الماكياج بتشكيل شخصية الممثل على المسرح من خلال تحديد ملامحه وإغناءها بتأثيره الواقعي المطلوب، كذلك بالإمكان التصرف بعمر الشخصية من ناحية التصغير أو التكبير، الشباب والفتوة، أو الكهولة، وإختلاق علامات فارقة في الوجه كالندوب والجروح القديمة والعاهات أو التشوهات أو حالات الصلع أو الشيخوخة التي تفتقد الى الأسنان.

أما الغرض الجمالي، فيأتي عن طريق استخدامات الماكياج في التعبير جماليًا عن أداء الممثل للشخصية مباشرة، في حركتها، نشاطها، توصيفها، أو كجزء من التشكيل الجمالي العام للعرض المسرحي.

وتتحقق هذه الحالات من خلال إبراز وتحديد الملامح، وتأكيد الخطوط والقسمات في وجه الممثل، وذلك لأن المسافة بين المتفرج الجالس في صالة المشاهدة والممثل على الخشبة عادة ماتكون واسعة، وليست بالقرب الكافي الذي يستطيع من خلاله المتفرج معرفة تفاصيل الوجه الإعتيادي بشكل واضح فإن الملامح المعبرة يجب أن يتم تكبيرها بحيث تبدو طبيعية حتى وإن كان ذلك على بُعد كبير من خشبة المسرح فالبُعد أو القرب صانعان أساسيان للمعنى.

 

ذات صلة
الموثرات الفنية
المؤثرات الفنية

رابعًا: الأثاث والديكور.

هناك هدفان لتصميم الديكور وهما:

أولًا.. مساعدة المشاهدين على فهم العمل المسرحي.

وثانيًا: التعبير عن خصائص المسرحية المميزة، لكي تتم مساعدة المشاهدين على فهم العمل المسرحي.

يعمل مصمم الديكور على تعريف مكان وزمان المسرحية. ثم إن الديكور يستطيع أن يوجد الجو المناسب ويعبر عن روح العناصر البارزة في النص من خلال الصورة واللون.

مصمم الديكور.

يبدأ مصمم الديكور عمله بدراسة المسرحية كاملة، محللًا متطلباتها المتعلقة بالمناظر آخذًا في الاعتبار عدد وحجم وأنواع أجزاء الديكور التي سيحتاجها؛ ثم يدرس الطريقة التي سيرتب بها هذه الأجزاء، وذلك بعد أن يكون قد درس زمان ومكان المسرحية وخلفياتها الاقتصادية والاجتماعية.

قد يحتاج مصمم الديكور كذلك إلى أن يجري بحوثًا تساعده على التعرف أكثر على سلوك وعادات فترة زمن المسرحية؛ والإلمام بكل تفاصيل أعمال الديكور والأشكال الهندسية وقطع الأثاث ومواد البناء المطلوبة.

يجتمع مصمم الديكور مع المخرج للتداول في نوع خشبة المسرح المناسبة للعرض، وفيما إذا كان هناك أكثر من خيار للعرض والميزانية المرصودة للديكور، ومن بين الأشياء التي يتم بحثها أيضًا أماكن المخارج والمداخل وترتيب قطع الأثاث …إلخ.

يقوم مصمم الديكور بعدئذ بإعداد رسومات بيانية تتعلق بخشبة العرض يتباحث بشأنها مع المخرج، قبل أن تحصل هذه الرسومات على الموافقة النهائية، يقوم مصمم الديكور بتحويل هذه الرسوم إلى مجسمات وهي أشكال مصغرة تشبه خشبة المسرح الحقيقية إلى حد بعيد.

وقد يضمِّن المصمم أوراق عمل تبين كيفية بناء كل جزء من أجزاء الديكور وتفكيكه والوقت الذي يستغرقه كل من العملين.

 

 

* أنواع المناظر.

يستعمل مصمم الديكور العديد من وحدات المناظر الرئيسية أثناء بناء أجزاء الديكور المختلفة. ويمكن تصنيف هذه الوحدات إلى وحدات واقفة أو معلَّقة.

أساس الوحدة الواقفة هي الوحدة المسطحة، وهذا إطار مستطيل خشبي تعلق فوقه قطعة من الخيش أو قماش الموسلين؛ لتمثل بناءً خفيف الوزن.

ويمكن صنع هذه المسطحات بأي حجم؛ غير أن المسطحات الكبيرة جدا غير عملية؛ إذ يصعب تركيبها وفكها والتحكم فيها بشكل عام، ليس للمسطح العادي فتحات، أما مسطحات الأبواب والشبابيك والمدافئ والأقواس فإنها تحتوي على فتحات، ومن بين المسطحات الأخرى إطارات الأبواب والنوافذ والمنصات والدرج والسلالم والصخور وجذور الأشجار والأعمدة.

وتحتوي الوحدات المعلقة علي السقوف والحواجز والستائر بأنواعها مثل الستائر الخلفية وستائر السايكلورام… إلخ

. تُصنع معظم السقوف من مستطيلين خشبيين يتصلان بعضهما ببعض، يعلقان فوق خشبة العرض، وتصلان إلى المسطحات الأخرى التي تمثل الجدران.

وتُصنع القواطع من ستائر قصيرة من القماش الأسود أو الخيش الملون، وتستخدم حتى تخفي مناطق معينة من المسرح عن عيون المشاهدين.

هناك ستائر كبيرة تمتد على عرض المسرح في الخلف تسمى ستائر المسرح الخلفية. ويمكن لهذه الستائر أن تحتوي على بعض المناظر المنصوص عليها في المسرحية. وتُستخدم الستائر لتخفي المساحات الجانبية في المسرح.

* كيف يتم تغير الديكور على المسرح بدون أن يشعر المشاهدون؟

طالما أنه هناك بناءً للديكور، فيوجد فى المقابل هدم الديكور أو تغييره بآخر، ويتطلب هذا الأمر شيء من السرعة في الأداء والهدوء.

 

 *طرق جمع قطع الديكور:

وكما يتضح من الاسم، أن الطريقة تنطوي على جمع قطع الديكور من الستائر أو الألواح المرسوم عليها.

– الطريقة الطائرة:

وتكون هذه الطريقة لقطع الديكور المعلقة حيث يتم رفعها ولإنزالها حسب الحاجة.

– العربة المتحركة:

حيث تُوضع قطع الديكور مثل الأثاث على عربة متحركة تنقل الديكور من وإلى المسرح.

– المصاعد:

وفيها تتحرك خشبة المسرح كالمصاعد الكهربائية.

– طريقة الدوران:

حيث تكون خشبة المسرح متخذة شكل دائري تدور على عمود دوار، ويغير الديكور عن طريق الدوران.

 

 

——————

 مراجع المقال:

1” د. عماد هادي الخفاجي – الإضاءة المسرحية – موقع الهيئة العربية للمسرح – بغداد 2016.

2”  د. شكري عبد الوهاب – الإضاءة المسرحية – الهيئة المصرية العامة للكتاب 1985.

3”  أمين سلامة – فن المكياج للسينما والمسرح والتلفزيون – دار الفكر 1986.

4” منال نجيب العزاوي – أبجدية فن المكياج المسرحي – طبعة الاكاديميون للنشر 2014 .

5” لويز مليكة – الديكور المسرحي ط الهيئة المصرية العامة للكتاب 2006.

 

  1. للمزيد..

*قراءة نقدية في أسرار كتابة النص المسرحي “الجزء 1” هنا

* قراءة نقدية في أسرار كتابة النص المسرحي “الجزء2”  هنا

*قراءة نقدية في أسرار كتابة النص المسرحي ” الجزء 3″ هنا

*قراءة نقدية في أسرار كتابة النص المسرحي ” الجزء 4″ هنا

*قراءة نقدية في أسرار كتابة النص المسرحي ” الجزء 5″ هنا

*  قراءة نقدية في أسرار كتابة النص المسرحي “الجزء 6” هنا

* قراءة نقدية في أسرار كتابة النص المسرحي “الجزء 7” هنا

*  قراءة نقدية في أسرار كتابة النص المسرحي “الجزء 8” هنا

 

* قراءة نقدية في أسرار كتابة النص المسرحي “الجزء 9” هنا

* قراءة نقدية في أسرار كتابة النص المسرحي “الجزء 10” هنا 

* قراءة نقدية في أسرار كتابة النص المسرحي “الجزء11” هنا

 

المؤثرات الفنية

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى