أدبيمقالات متنوعة

مدارس الفن التشكيلي نطرة من قريب “المدرسة المستقبلية”

المدرسة المستقبلية

وقت النشر : 2024/01/16 03:25:27 AM

مدارس الفن التشكيلي نطرة من قريب

المدرسة المستقبلية

بقلم: مصطفى نصر

ظهرت المدرسة المستقبلية في إيطاليا في أوائل القرن العشرين في شكل حركة فنية أدبية متصلة بالشاعر الإيطالي (فيليبو مارينتي) إذ أصدر البيان الثوري الأول لتأسيسها الذي نشر في جريدة (الفيجارو) في باريس وهاجم رجعية الفن التشكيلي وعدم مسايرته لتطورات العلم الحديث، وقد هدد مارينتي بتحطيم المتاحف والأكاديميات، وحث الشعراء على نبذ الماضي والتغني بكل معالم الحاضر والمستقبل، زاعمًا أنه وضع أسس المستقبل، ثم تدحرجت المدرسة فيما بعد لتصبح مدرسة تشكيلية ترى في تعلق الإيطاليين بالمتاحف وتماثيل العصور القديمة تعوق تلبية طموحات إيطاليا في الاستقلال والتحرر، ولا يمكن إغفال دور هذه المدرسة الفني إذ شملت كافة النشاطات الفنية والأدبية في الشعر والنحت والموسيقى والمسرح والتصوير.

لقد أنكر الفنان المستقبلي جمال المرأة واستبدل العراء بجمالية استخلصها من طريقة التصوير ذاتها، وكان جل اهتمامه بدراسة الحياة والإنسان في القرن العشرين (قرن السرعة والعمل التقني)، إذ بحث عن المغامرة والمخاطرة لكي يحصر انطباعاته وأفكاره في جمال الكهرباء وجمال السيارة والطيارة، ولقد قال مارتيني “أن سيارة السباق أجمل من تمثال ساموتراس”.

وامتدت مبادئ المدرسة المستقبلية أيضا إلى العمارة، و صاغ أنطونيو سانت إليا بيانًا مستقبليًا عن الهندسة المعمارية في عام 1914، ورسوماته البصيرة للمدن الآلية للغاية وناطحات السحاب الحديثة الجريئة تهيئ بعضًا من أكثر المخططات المعمارية إبداعًا في القرن العشرين .

مبادئ المدرسة المستقبلية:

عملت المدرسة المستقبلية لتحقيق المبادئ التالية:

1- احترام الأشكال البدائية واختزال جميع أشكال المحاكاة.

2- يجب التخلي عن المواضيع الجامدة والتوجيه للتعبير عن حياتنا القلقـة التـي نعيشها في عصر الفولاذ والسرعة.

3- اعتماد الصدق والطهارة في محاكاة الطبيعة.

4- يجب أن تفضي الحركة والنور على مادية الأجسام.

5- يجب أن يكون الفن معبرًا عن الحركة الديناميكية أمام الدينامية في الحضارة الجديدة.

6- الألوان المتممة في الرسم مهمة جدًا كالوزن للشعر والبوليفوني في الموسيقى.

7- ضرورة التمرد على فكرة الانسجام والذوق الرفيع لأنها مصطلحات مطاطية يمكن عن طريقها هدم أعمال (رامبرانت، غويا، ورودان).

8- تعد المدرسة المستقبلية تعبيرًا صارخًا عن العصر الذي ظهرت فيه، وذلك باعتمادها الديناميكية الآلية والحركة والبعد الرابع (الزمن). (٦)

أدوات المدرسة:

إن الديناميكية هي نموذج الأساس في عمل الفنان المستقبلي، إذ ليس هناك أجمل من حركة الآلات والمكائن ذات الإيقاع الدينامي والسرعة التي تسابق الزمن، إذ تبدو الحركة مستمرة غير جامدة والأشياء في حالة جريان وتحول سريعة، وحركتها تتضاعف ويتغير شكلها مع تدفعها إلى ما لا نهاية، إذ سعت المدرسة المستقبلية إلى تحديث روح الإنسـان مـن خـلال استعمال التطور العلمي بما فيه مـن آلات حديثة واستعمالها الزمن كبعد رابع في الرسم.

الخطوط والألوان المستقبلية:

استخدمت اللوحة المستقبلية في الخطوط عناصر من الانطباعية الجديدة والتكعيبية لإنشاء تراكيب تعبر عن فكرة الديناميكية والطاقة والحركة للحياة الحديثة، وابتكرت ألوانها بحيث تكون الألوان الجريئة هي الأكثر شيوعًا مع الوردي الزاهي والأزرق اللعوب والبني الغني في المقدمة.

إنجازات المدرسة المستقبلية:

1-كانت المدرسة المستقبلية شديدة الاستنكار لثقافة الإيطاليين في تعلقها بالماضي والمتاحف وتصنيف آثار الماضي كفن رفيع، هذا لأنه في إيطاليا كان وزن الثقافة يقوم على تذوق الآثار المتحفية، لذا أكد مارينيتي “سنحرر إيطاليا من متاحفها التي لا حصر لها، والتي حجبت العقول من الحداثة، وقد تمثلت إنجازات هذه المدرسة في الانعتاق من الماضي في كافة المجالات أدبًا وفنًا ومسرحًا وعمارة.

2- طورت المدرسة المستقبلية عددًا من التقنيات الجديدة التي تعبر عن السرعة والحركة، وقامت على التكرار واستخدام خطوط القوة، فقد غدت إدراج هذه الخطوط هي من سمات الصور المستقبلية.

3- استخدم المستقبليون عددًا هائلًا من البيانات المختلفة لتوصيل مُثلهم الجمالية بالإضافة إلى السياسية والاجتماعية.

.4-سمحت للمستقبليين بنشر ونقل أفكارهم إلى جمهور واسع، واستفادوا من التقنيات الجديدة التي صوروها في فنهم بالإضافة إلى التطورات في وسائل الإعلام والطباعة والنقل.

5- يتواجد في هذه المدرسة الكثير من الألوان حيث أن كل جزء في لوحات الفنانيين قابل للتحليل.

4- يتم تقسيم اللوحة إلى أجزاء وكل جزء يعبر عن حركة محددة بحيث أن كل حركة تعبر عن الزمن.

5- إن أهم ميزة للمدرسة المستقبلية هي أنها تقوم بتسجيل الانطباعات المرئية المتغيرة، حيث أنها تُنقل إلى الطبيعة بصورة مباشرة، وقد عمل الفنانون في تصوير ضوء الشمس وبرعوا فيه، بالإضافة إلى أنهم أبدعوا في التصوير في الهواء.

6- عبَّر المستقبليون من خلال المدرسة المستقبلية عن الإنسان وعملوا على إبقاء المرئيات مستمرة وذلك من خلال تتبع الخطوط المتتالية بالإضافة إلى تتبع المساحات والألوان.

قام المستقبليون بجذب الكثير من الفنانين من خلال مشاركتهم في النظرة الديناميكية بالإضافة إلى النظرة العاطفية واعتمدوا على السرعة في التغيير.

7-عمل المستقبليون على توضيح الخطوط المائلة والعريضة بالإضافة على الخطوط المجزأة والمتقاطعة لإظهار العديد من الحركات بالتناسب مع الجسم.

8- وضحوا حركات الكائنات عن طريق عمل كرات مكانية لمخططات الكائن وتم ذلك أثناء عملية التنقل وكانت هذه الحركات التي تم تنفيذها مشابهة للصورة الفوتوغرافية.

عيوب المدرسة المستقبلية:

كانت هناك بعض العيوب التي تجلت في المدرسة المستقبلية ومنها:

1- دعم الكثير من المستقبليين الإيطاليين الفاشية حيث أن المستقبليين وطنيين بقوة ومتحمسين للعنف بالإضافة إلى أنهم معارضون للديمقراطية البرلمانية وهذا ما يجعلها تتوافق مع حركة الفاشية مما أدى إلى التأثير سلبًا على الكثير من الفنانين من وراء هذا الارتباط.

2- إن المدرسة المستقبلية الروسية لعبت فيها النيولوجيا دورًا كبيرًا لتجديد اللغة والتي هدفت إلى تدمير النحو.

3- انجذب مارينيتي إلى الفاشية وغدا النظام الشيوعي السوفيتي غير متسامح مع ما وصفه بالشكلية الطليعية، وكانت العلاقات بين حركة المستقبل الإيطالية والروسية متوترة، حيث أن كان المستقبليون الإيطاليون لهم تأثيرًا قويًا على التعبيرية الألمانية والدوامة الإنجليزية بالإضافة إلى الدادية الدولية.

أهم رواد المدرسة:

الفنان بياتريس بوتشيوني، والفنان كارلو كارا، والفنان لويجي روسولو. الذين أرادوا أن يجعلوا، أفكار مارينيتي تمتد إلى الفنون البصرية، فالتقى هؤلاء الثلاثة؛ وآخرون معهم؛ بالكاتب مارينيتي، وأصدروا إعلان المستقبليين التشكيليين.الذي اتسم بالعنف، والمبالغة اللغوية.

وبعد: هذه وقفة من قريب مع المدرسة المستقبلية تناولنا من خلالها نشأتها وسماتها، وانجازاتها وأهم عيوبها وبعض روادها، أتمنى أن تكون كشفت عن معالم هذه المدرسة.

مراجع المقال:

1- جينا جروس -الفنون التشكيلية – طبعة جروس برس – 2000

2- د. بلاسم محمد جسام – الفن التشكيلي قراءة سيميائية في انساق الرسم – طبعة دار الحداثة للنشر والتوزيع دمشق 2001

3- علي سهيل- المدرسة المستقبلية” .. القطْع مع فنون الماضي لتأسيس ثقافة جديدة- موقع العين الاخبارية – https://al-ain.com/article/future-school-arts-establish-new-culture

4- خليل الكوفحي – مهارات في الفن التشكيلي – طبعة عالم الكتب الحديث – 2006

5- :زهير الصاحب – الفن التشكيلي – طبعة دار مجدلاوي للنشر والتوزيع 2011

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى