أضحك تضحك الدنيا معك

اضحك تضحك الدنيا معك

بقلم:مصطفى نصر

منذ أن سمعت المثل العربي القائل: “اضحك تضحك الدنيا معك، ابكِ تبكي وحدك” أصبحت على قناعة تامة بأن الضحك مفيد جداً للإنسان، لكن هذه القناعة تعززت أكثر وأنا أقرأ بحثاً لفريق من الباحثين في جامعة
“ميريلاند” الأميركية، يفيد بأن الكآبة تضعف من مناعة الجسم، وتجعله عرضة لأنواع متعددة من الأمراض، مشيرين إلى أن الضحك يؤدي إلى إفراز هرمون الأندروفين الذي يؤدي للاسترخاء والراحة ويعمل على تخفيض الهرمونات المصاحبة للتوتر، فتزيد من مناعة الجسم ومقاومته لكثير من الأمراض.

بل ذهب الفريق نفسه إلى أن تخصيص عشر دقائق في اليوم لتذكر المواقف الطريفة التي تؤدي إلى الضحك، أو مشاهدة الكوميديا بصورة مباشرة، تؤدي إلى توسع شرايين القلب، وتعمل على تخفيض الهرمونات المصاحبة للتوتر، وبالتالي تقل نسبة الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وتنشط بذلك الغدد الصماء التي تنظم عملية إفرازات السكر والأدرينالين، وتنشط الذاكرة وتقلل من الزهايمر.

وقد توصل فريق من الباحثين بجامعة السوربون – أعرق الجامعات الفرنسية – إلى أن المعالجة بالكوميديا قد تكون على المدى القريب إحدى الطرق المعتمدة لعلاج المؤثرات الناتجة عن التوتر والقلق، وذلك بعد النجاح الكبير الذي أحدثه معهد “فيسبايدن” بألمانيا للتدريب على الضحك، وتمر الدراسة – في هذا المعهد المخصص لعلاج حالات الاكتئاب الحادة – بإحدى عشرة مرحلة لتعلم فنون الضحك الصحي المفيد للجسم، يتخرج الطالب بعدها كأستاذ ضحك مخول بتدريس مادة للضحك في أي معهد بالعالم.

وقد أثبتت دراسات أخرى أن الضحك لمدة عشر إلى خمس عشرة دقيقة، وسيلة هامة لتقليل الوزن؛ إذ أنه وسيلة هامة لحرق السعرات الحرارية الزائدة، بمقدار 2 كيلوجرام في اليوم، نتيجة تحرك عضلات الحجاب الحاجز في البطن وعضلات جدار البطن، والجهاز التنفسي في القفص الصدري، وعضلات الوجه والعنق والظهر والأطراف السفلية، أي أشبه ما تكون بتمارين “آيروبك” للتخسيس التي تعتمد على تحريك هذه الأجزاء نفسها لخسارة الدهون والسعرات الحرارية.

باختصار عزيزي القارىء، فإن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – طبيب البشرية، كان محقًا عندما حثنا على الابتسامة، بقوله: “تبسمك في وجه أخيك صدقة” وربط الابتسامة بأنها “صدقة” أي مصدر من مصادر كسب الأجر والثواب، ففي نهاية اليوم ليس مهماً الأغنى ولا الأجمل ولا الأقوى، المهم هو من عاش لحظات من السعادة الحقيقية، وضحك من صميم قلبه ليجمل الحياة بابتسامته التي تعد أغلى صدقة، لأن الابتسامة من القلب لا يمكن شراؤها حتى بذهب الأرض وحجارته الكريمة.