أدبيمقالات متنوعة

الثانية فجرًا “من أنا؟”

وقت النشر : 2024/05/25 12:32:59 AM

الثانية فجرًا “من أنا؟”

بقلم: منى أحمد إبراهيم

من تلك التي تطالعني في المرآة؟
لمَ تصر أن تظهر أمامي في كل مرة؟
تلك التي أراها.. لا أعرفها..
تأتي بغتة لتبادلني النظرات.. وتتبعني.. أينما ذهبت..
توخزني نظراتها.. فتقطع عن أضلعي الهواء
أعود فأتأملها..
عين باهتة لا حياة فيها..
شفتين تنطقان كلماتٍ بلا حروف..
ووجه.. بلا معالم..
صدر يتأرجح بين شهيق وزفير.. يعلمني أنها مازالت على قيد الأحياء..
فقط.. تلفحك أنفاسها..
أطراف طالتها أيدي الزمان.. فتفتت.. لتعلمك أنها لطالما خدشت.. تألمت.. نزفت.. حتى أُدمِيت..
وأنامل رغم ارتجافتها تنبسط بالدفء مهما قوبلت بالجفاء..
وعيون تصب بجداول الخدين شلالات من دمع الأحزان..
وجسد يرتجف رغم حرارة أغسطس.. بلا توقف..
يتمايل بلا حراك.. فلا تدري كنهه.. ولا من أي الأجناس قد أتى..

ورغم كل ذلك…….
مازال يعلو قسماتها شبح ابتسامة..
ابتسامة تنبئ بأن كل تلك الوعود مازال يحدوها الأمل..
وحتى لو أقسم العالم بأنه قد آن أوان النهاية..
فمازال هناك بعض الوقت..
وكأن لسان حالها يقول:
سألملم ما تبعثر من أنفاسي.. وأركض..
سأسبق الأطفال في عدوهم..
سأحرر جدائلي.. وأترك ستائري الحريرية تنسدل..
لن أخاف حرارة الشمس..
ولن أنتظر نجوم المساء..
ولن تخجلني عيون النجوم..
سأضحك حتى تمتلئ آباري بالحياة..
وحتى ترتوي الجذور العطشى.. فتنبت زهور الربيع من بعد طول الخريف..
سأنهل من السعادة.. ولن أكتفي..
ومهما فوتُّ من محطاتها..
سأقطع كل لحظة تذكرة جديدة..
إلى حيث وجهتي..
عند ذلك البصيص من النور..
سألتقطه وألوح للألم مودعة.. وللظلام..
سأحيل عقم الأحزان لخصوبة من سعادة لا تنتهي..
سأنبت الزهور من بين شقوق الصخر..
وأنثر عطرها فتجذب كل الفراشات..
سأحلم..
وسأنقش كل مشاهد أحلامي على صفحة السماء
وأجلس لأنتظر الغيث حين ينهمر ليروي جفاف الثرى..
ستنبت أحلامي لتمحي الواقع القفر..
وتسقط الجدران والحدود..
ويسقط معهما الماضي..
ويشتعل الحنين للحاضر..
وتلتهب شرارة المستقبل..
ومهما اندثر الأمل.. وساد ربوعي اليأس..
فقط يتبقى شيء واحد لا أفقد فيه الثقة أبدًا
أنه مهما تعجبت عمن تكون تلك التي تطالعني دومًا في المرآة..
ومهما اشتد الظلام من حولي.. وهاجمني..
سأجدني.. مهما ابتعدت..
وسأعرف حقًا..
“من أنا”

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى