مقالات متنوعة

العربية الفصيحة.. بين الواقع والمأمول

لما لا نتحدث بالعربية الفصحى؟

وقت النشر : 2024/06/02 03:46:51 AM

العربية الفصيحة.. بين الواقع والمأمول

بقلم: هالة سامي

كل منا قد يسأل نفسه أحياناً عن سبب تدهور لغتنا العربية، وأن اللغة العامية أصبحت هي المسيطرة على حديثنا، ولكن علينا أولاً أن نُدرك الصورة كاملة حتى نستطيع أن نحكم حكماً مستنيراً على الموضوع.

 

على الرغم من أن لغتنا أصبحت بعيدة كل البعد عن لغة القرآن إلا أن كثير من الألفاظ التي نستخدمها حالياً لها جذور عربية فصيحة، ولكن هذا لا يبرر تدهور لغتنا العربية ولو بشكل جزئي وقد يرجع ذلك إلى عدة أسباب أهمها سيطرة اللغة الإنجليزية على المجتمع ..فبعد أن نُسب التقدم و الازدهار إلى الغرب أصبحت لغتهم هي المسيطرة على لغات العالم

توجد أيضا عوامل داخلية زادت من ضياع اللغة، كعدم اهتمام المدارس بِحَثِّ الطلاب على التحدث بالعربية، رغماً من أن اللغة العربية واحدة من المواد الأساسية التي تُدرس إلا أنه قليلاً ما تجد طلاباً يُجيدون التحدث بها، ويرجع ذلك إلى عدم تطبيق قواعد النحو في الحديث ودراستها بشكل نظري فقط.

كما أن انطباع الطلاب حول اللغة العربية يقتصر على قواعد النحو المتعمقة والنصوص الطويلة صعبة الحفظ والمناهج الدسمة، فأصبح لدى الطلاب صورة خاطئة حول اللغة العربية ويعتبر هذا من أهم العوامل التي تُصعب من إقناع الطالب بأن يتحدث بالعربية ..

 

ولكن مازالت هناك شمعة مضيئة في نهاية النفق، فبعد انتشار المسابقات التي تحث على القراءة والتحدث بالعربية كمسابقة المشروع الوطني للقراءة وتحدي القراءة العربي أصبح من المحتمل استعادة وانتشار لغتنا مرة أخرى، وهذا يُبشر بأن لغتنا الجميلة لم ولن تختفي من حياتنا أبداً.

وقد أوضحت منظمة اليونسكو أن اللغة العربية من اللغات المعرضة للانقراض بعد حوالي عشرين عاماً وستختفي بشكل كامل ..ولكني أرى أنه من المستحيل أن يحدث هذا لأن القرآن الكريم يُخلد لغتنا العربية بمفرداتها العذبة ومعانيها العميقة..

 

كما أن استقلال مصر في الوقت الحالي يساعد وبشدة في استعادة اللغة؛ لأن كثرة الاحتلالات التي تعرضنا لها أدت إلى اعوجاج ألسنتنا، لذا فإن الظروف الحالية مساندة لحفظ اللغة من الضياع ولكن يتطلب الأمر مجهود واهتمام أكبر من الدولة بتطبيق أنشطة عديدة لتشجيع الشعب على الاهتمام باللغة وقد يتمثل هذا مثلاً في ندوات تتحدث عن أهمية اللغة العربية و استشعار نعمة إمكانية التحدث بها وفهم كلماتها الرقيقة..

 

ويمكن أيضاً أن تقوم وزارة التربية والتعليم وكذا الأزهر الشريف بتخصيص يوم دراسي إسبوعيًا يتحدث فيه جميع من بالمدارس والمعاهد الأزهرية باللغة العربية ويمكن أيضاً حث الطلاب على عمل أبحاث عن اللغة العربية.

 وفي هذا السياق، أقترح عمل برامج إذاعية وتلفزيونية تتحدث يومياً عن جمال اللغة العربية، وحتى نكون واقعيين علينا أن ندرك أولاً أنه من الصعب استعادة اللغة العربية بنسبة ١٠٠% لأن حتى في عهود سابقة لم تكن العربية الفصيحة هي لهجة الجميع بالعكس فقد كانت هناك لغة عامية أيضاً ورغماً من اختلافها كثيراً عن لغتنا العامية الآن إلى أننا لم نفقد الهوية بعد ومازالت العربية هي لغتنا الأساسية.

فمن الظواهر التي انتشرت مؤخراً، وأخالفها وبشدة لأنها من مسببات انتشار العامية، هي تأليف الكتب باللهجة العامية دون العربية الفصيحة..

 

فمن المفترض أن المجاديف التي نتمسك بها لحفظ اللغة هي المؤلفات التي تُكتب بالعربية حتى وإن لم تتميز بفصاحة بالغة ولكن بالطبع لن يخلوا كتاب من مفردة جديدة يتعلمها القارئ كما يتعلم أيضاً عن كيفية إيصال أفكاره بالعربية، فكيف أكسر تلك القاعدة بأن أؤلف كتب باللغة العامية بداعي أنها ستسهل من وصول الفكرة للقارئ وتعزز شعور الارتياح تجاه الكتاب ولكن بالطبع هناك طرق عديدة مختلفة لتعزيز الثقة بين القارئ والكتاب كاستخدام ضمير المخاطب و تجسيد الأفكار بالأمثلة العملية.

وفي النهاية أذكر نفسي وإياكم بأن اللغة العربية هي لغة القرآن ولغة الجنة ولغة الأنبياء جميعاً عليهم السلام، وإنها والله من أجمل اللغات وأكثرها رقة وأعلاها منزلة.

زر الذهاب إلى الأعلى