مقالات متنوعة

لماذا نخنع للظلم؟

وقت النشر : 2024/07/15 03:46:48 PM

لماذا نخنع للظلم؟

كتب: طلعت عبدالرحيم

 

إن محمد –ﷺ- هو هدية السماء للأرض، أرسله رب السماوات ليخرج الناس من الظلمات للنور ومن دائرة الشرك للإيمان بالواحد الأحد مالك الملك الفرد الصمد..

ما إن استقر عليه وحي السماء وتم تنفيذ ما أمر به من رب العباد إلا واشتاط أسياد القوم غيظًا وافتراءً عليه وبدأت لعبة الحياة تكون أو نحن نكون، بدأت حرب الباطل للحق، بدأت حرب الكفر للإيمان، مع أن الإيمان هو الطريق القويم الذي به تسعد الإنسانية وتستمر حياة البشر على خير ما يرام لأن من خلق الخلق هو أعلم بهم من أنفسهم.

وضع دستور الحياة ليتمكن الإنسان من العيش في أمن وأمان، واختص به القرآن ليكون بيانًا وسلوكًا وتذكرة، وأحكامه من إحلال وتحريم لما هو منزل من عند الله ليجعل الإنسان كما أراده الله؛ يعبد رب العباد وأن يصلح الكون.

لكن الإنسان بقدر ما به من ذكاء وفطرة إلا أنه ينساق لوساوس الشيطان والنفس اللوامة، فيقع الإنسان في شِباك الملحدين، وتشتد زمرة الكيد على حبيبنا وشفيعنا ورسول الأمة ﷺ، فما كان له إلا أن طلب من الله فأجابه من فوق سبع سموات بأن يهاجر إلى مكان آمن كي يُرسي وينشر ما أمره ربه.

كانت هجرة النبي صلوات الله عليه ومعه صاحبه أبوبكر -رضي الله عنه- رحمة من رب العباد، فقد أمرنا ألا نخنع لأي إنسان مهما كان، وإرادة الله رحمة للعباد، فهاجر الحبيب مع حبيبه أبو بكر وترك أعز مكان حيث نشأ وتربى وخطا خطواته الأولى على أرضه إلى مكان آخر أكثر ألفة وتصديقًا.

من هنا نتعلم عدم الخنوع أو الاستسلام إلا للواحد القهار فهو مفتاح النجاة من كل إثم ومكروه، ومن المستفاد من هجرة سيد خلق الله -صلى الله عليه وسلم-.

توظيف الطاقات الموجودة لدى الإنسان في إرضاء الله، والتوكل على الله فالإنسان لن يقدر على عمل شيء بدون التوكل على الله فهو حسبه، كما نتعلم الإقدام والتضحية في سبيل نصرة الحق والدفاع عنه.

وفي ظل عالم تملؤه الكآبة والحزن تجد قوله -عليه الصلاة والسلام- لصاحبه لا تحزن إن الله معنا، هذه الجملة الصغيرة ذات الأثر البالغ في نفس الإنسان لتلهمنا اليقين بالله.

ومن الدروس المستفادة من الهجرة بمعجزة السماء فيها عندما كانا في غار حراء جعل الله أهون الخيوط وأهون الحشرات تكون مظلة حماية لرسول الأمة.

لذلك وجب على الإنسان أن يكون مع الله وفي معيته، واثق بأن الله فوق كيد المعتدي ومن يتوكل على الله فهو حسبه، لأنه ليس هناك من يتفوق على الإرادة الإلهية، وسبحان من يقول للشيء كن فيكون، مهما اخترع وصنع ابن آدم لن يجرؤ على أن ينافس خلق الله.

كما أن الهجرة لا تكون إلا لمنفعة للدين، بعيدة عن شهوات الإنسان حتى ينال من يهاجر الصواب الحسن، فعالمنا اليوم يشتد به الظلم بأماكن شتى، فلا حرج أن يخرج الإنسان مهاجرًا حمايةً لدينه ولنفسه وحياته ولكن لا يبيع وطنه أو أهله، لأن نبينا ومعلمنا لن يترك مكة نهائيًا بل قال لولا أن أخرجوني منكِ ما خرجت، وهذا هو حب الوطن الحقيقي، وبعد أن تنفك أسباب الهجرة يرجع إلى وطنه معززًا مكرمًا دون خنوع، فكرامة الإنسان حياته ومن انعدمت فيه الكرامة لا حياة له، حتى الحيوانات تجد في أفعالها سلوك كرامة وعِزة، فلمَ يعيش الانسان في قلق وخوف وذل بينما رب العرش موجود؟ ولمَ يعيش الإنسان في هوان؟

لابد أن تكون كرامة الإنسان فوق كل شيء ولا تنحني لغير الله، فمنذ أن ظهر الإسلام وهو في حرب دينية بين الشيطان وأتباعه وبين أهل الإيمان وأتباعه من بني آدم، وحبيبنا المصطفى -صلوات الله عليه- كان أكثر الناس إيذاءً من الكفار ولكنه كان صبورًا حليمًا ذا خلق كريم للود والسماحة، فسبحان من جعله بتلك الصفات النبيلة!

نسأل الله أن يجمعنا برسوله -ﷺ-، وأن يسقينا بيده الشريفة يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، صلوات الله وسلامه عليك يا نبي الهدى وقاهر الأعداء ومؤسس دولة الإسلام التي لا تضاهيها دول لأنها بنيت على التوحيد والأخلاق الحميدة، وفي ذكرى هجرة المصطفى نسأل الله أن يديم المحبة والإيمان على عباده.

زر الذهاب إلى الأعلى