مقالات متنوعة

الأحجار الكريمة، بين الثروة والأسطورة

وقت النشر : 2022/12/21 02:06:43 PM

تكتب: عبير سعد

أثمن ما سكن باطن الأرض، زينة الملوك، لعنة في الأساطير، عشق السيدات، مُدخر ومتاع الرجال، طاقة لمن يعاني من المشاكل الروحية والنفسية، وجاءت في كتب التراث كعلاج للكثير من الأمراض العضوية والنفسية، إنها الأحجار الكريمة يا سادة.. فدعونا نستعرض بعض الحقائق المؤكدة عنها علميًا، ونذكر أيضًا أشهر الأساطير المرتبطة بها.

الأحجار الكريمة أنواعها ونشأتها
أشهرها الماس، اللؤلؤ، المرجان، حجر البازهر، الزبرجد، الزمرد، اللازورد، العقيق، الياقوت، الكهرمان، حجر القمر، الفيروز، حجر الدم أو الهمتيت، حجر الجاد أو اليشم، حجر الجشمت.. وغيرها الكثير من الحجارة النفيسة.

تناولت الكثير من الدراسات على مر العصور الأحجار الكريمة؛ وذلك للوقوف على حقيقة تكوينها ونشأتها وتركيبها الكيميائي، والتأكد من تأثيراتها المختلفة التي طالما وردت في كتب التراث، وبناءً على هذه الدراسات، نجد أن بعض هذه الأحجار قد تكون في باطن الأرض على مر العصور، إثر تعرض بعض المعادن والمركبات الكيميائية لدرجات حرارة مهولة، ودرجات متفاوتة من الضغط، أدت لحدوث تغييرات في مادتها الأصلية، وتحولها لأحجار فريدة ذات قيمة عالية جدًا، مثل الماس والفيروز وحجر اللازورد، ونجد بعض الأحجار التي تستخرج من النباتات أو الحيوانات، في بيئات مختلفة، كالمرجان الذي يستخرج من أعماق البحار، واللؤلؤ الذي يتكون داخل المحارات العملاقة، وحجر الكهرمان الرائع الذي يعد من الأحجار الصمغية المستخرجة من لُحى الأشجار.

الأحجار الكريمة في التاريخ القديم
كان المصريون القدماء من أكثر الأمم المغرمة بالزينة والجمال، فصحبتهم الحُلي في حياتهم الدنيا وفي مقابرهم بعد الموت ليستخدموها مرة أخرى في العالم الآخر، ولعل من أكثر الاكتشافات الحديثة التي أبهرت العالم هي “مقبرة الملك توت عنخ آمون”، حيث تستخدم الأحجار الكريمة في الحلى والتيجان والتوابيت والصناديق بشكل مبهر، ويعد حجر الفيروز من الأحجار التي حظيت بقيمة عظيمة عند المصري القديم، فقد كان اعتقادهم بقواها السحرية سرًا لاستخدامها في القلائد والتمائم، وأيضًا لاحتفاظهم به في قبور موتاهم.
ونرى ارتباطًا وثيقًا لألوان الأحجار في التاريخ القديم بالبيئة، حيث كان اللون الأحمر رمزًا لحمرة الدم الذي يجري بالعروق حاملًا الحياة والنشاط، وجاء اللون الأخضر رمزًا للزروع التي هي هبة الأرض لأبنائها، وتجد اللون الأزرق بدرجاته في حليهم رمزًا للسماء التي تسبح فيها الشمس والتي تجسد بها الإله آمون معبودهم الأهم.

الأحجار الكريمة في الأساطير
وإذا كانت الأحجار الكريمة في العديد من الحضارات تجلب الحظ والسعادة، وتنشط الجسد وتمنع وتعالج الكثير من الأمراض العضوية، إلا أن بعض الأحجار قد طالتها الأساطير فأصبحت محض لعنة وسبب شقاء، ولعل أشهر الأحجار الموسومة بلعنتها في العالم “ماسة الأمل” أو حجر اللعنة كما أشيع عنها، يرجع تاريخها لأكثر من أربعة قرون مضت، حيث استخرجت من منجم “كولار” بالهند، وحظيت بمكانة مقدسة عندهم، وقد تمت سرقتها من الهند ” ويظن البعض أن هذا هو سبب اللعنة”، وصلت ماسة الأمل إلى فرنسا في نهاية عهد الملك “لويس الرابع عشر”، والذي لاقى بعدها هزائم حربية متتالية، ثم مرض بالغرغرينا وتوفي بسببها، وجاء دور الملك ” لويس الخامس عشر” الذي توفي بسبب الجدري، وكانت نهاية لعنتها في فرنسا في عهد الملك ” لويس السادس عشر وزوجته ماري أنطوانيت” الذي امتلأ عهده بالاضطرابات التي انتهت بقيام الثورة الفرنسية، والتي انتهت بإعدامهما.
انتقلت الماسة بعدها إلى إنجلترا، في عهد جورج الرابع، ومنها وصلت ليد السلطان التركي ” عبد الحميد الثاني” الذي تم خلعه بعد سنة واحدة من حكمه، وكان انتقالها الأسطوري إلى الولايات المتحدة الأمريكية، لتقتنيها ” إيفالين ماكلين “، ليموت ابنها بحادث سيارة، وتنتحر ابنتها ويتعرض زوجها للإفلاس، ليكونوا آخر من عانى من لعنة ماسة الأمل، التي انتهت رحلتها عام ١٩٤٩م، ليد الصائغ” هاري ونستون” ، والذي أهداها إلى المتحف في واشنطن، وهو مستقرها الأخير حتى الآن..

الأحجار الكريمة في التراث الإسلامي وكتب الطب
وفي التاريخ الإسلامي نجد أن كتب التراث قد تناولت أنواع الأحجار الكريمة وما لها من أثر على الصحة النفسية والبدنية، فنرى كتاب “الجامع لمفردات الأدوية والأغذية” لابن البيطار، وكتاب ” تذكرة داوود” للأنطاكي، وقد تناولت دراسة عن كل حجر كريم وأثره النفسي والصحي بالتفصيل، وعلى سبيل المثال:
_ الماس أو الألماظ: الذي يعد من أنفس الأحجار وأشدها صلابة، حيث اشتهر بأنه يعمل على تسهيل الولادة المتعثرة ويمنع الشكل السداسي منه الصرع.
_ حجر البازهر: خصائصه فريدة، حيث يزيل السموم الحيوانية والنباتية من الجسم، ويفيد في لسع الهوام والحشرات المؤذية، يقول عنه ابن البيطار : أن وضع مسحوقه في فم شارب السم أو الملدوغ له أنفع الأثر ونجاة من موت محقق، فهو يعبر الأوردة ويحاصر السم ويطبق عليه.
_ اللؤلؤ أو الدر: أجوده اللؤلؤ الكبير الأبيض الشفاف، يقول عنه ابن البيطار: هو نافع لظلمة العين وبياضها، وينفع ويداوي خفقان القلب، ويفيد في علاج هبوط القلب، ويقوي الكبد، وينشط الكلى، ويمنع سلس البول، ويزيل البهاق، ويعالج البرص.
_ المرجان: ذكره الإمام الذهبي في كتاب الطب النبوي، أجود أنواعه الأحمر الذي يقوي القلب ويمنع الخفقان ويجلب المسرة والفرح.

الأحجار الكريمة وعلوم الطاقة
استخدمت الأحجار الكريمة للتشافي على نطاق واسع في حضارات الهند والصين والحضارة الفارسية.

تمتلك الأحجار الكريمة طاقة نور وقدرة روحية، وقد انتشر استخدامها منذ القدم في الطب الشعبي للاستشفاء والحماية ومعالجة الاضطرابات النفسية والعاطفية واضطرابات النوم، كما أثبتت الدراسات أن لكل حجر كريم خصائص طبية تميزه عن غيره، تعتمد على لون المعدن وتركيبه الكيميائي، وقد انتشرت العيادات المختصة بهذا النوع من العلاج، حيث يقوم العلاج بطاقة الأحجار لمدى تأثيرها على مراكز الطاقة السبع ” الشاكرات”، والتي يسبب أي خلل بها للتأثير السلبي وشعور الشخص بالكسل والإحباط والخوف والقلق والتوتر، وبالتالي الإصابة بالأمراض العضوية.

ويعد الكريستال والكوارتز  من الأحجار الكريمة التي تستخدم في إعادة التوازن للجسم، عن طريق وضعها على أماكن محددة، هي الأماكن المتحكمة في طاقة الجسم، فتساعد على رفع الطاقة غير المتزنة، من خلال اهتزازات وترددات تصدر من الحجر، فتقوم الشاكرات بامتصاص هذه الطاقة، لتعيد توازن الجسد، ويمكن تعريض الحجر للضوء أو أشعة الشمس لتعزيز قوته ومضاعفتها، لتزيد نسبة التشافي كما يذكر متخصصو العلاج بالطاقة.

الأحجار الكريمة والأبراج
في علوم الفلك والتنجيم تنقسم الأبراج لأربعة مجموعات أساسية، كل مجموعة تضم ثلاثة أبراج تشترك في الصفات العامة، وهي:
_ أبراج ترابية: برج الجدي والثور والعذراء.
_ أبراج هوائية: برج الدلو والجوزاء والميزان.
_ أبراج مائية: برج الحوت والسرطان والعقرب.
_ أبراج نارية: برج الحمل والأسد والقوس.

أعطى خبراء الفلك والأبراج للأحجار الكريمة رمزية واعتقادًا أنها قادرة على تعديل الحالة النفسية، وجلب الهدوء والحظ، وتساعد على طرد الطاقات السلبية والتوتر، كما تساعد على منع الحسد وتبديد المخاوف، وبناءً على أبحاثهم فقد ارتبط كل برج بحجر معين، يتناسب مع طاقته ويعززها.
_ برج الجدي: الطموح المنضبط عاشق العمل، يتناسب معه العقيق الأحمر وحجر البيريل والكوارتز.
_ برج الدلو: مفكرون ومبدعون يتمتعون بروح حرة، يتناسب معهم الفيروز، الياقوت الأزرق واللازورد.
_ برج الحوت: حساسين للغاية وممتصين للطاقة السلبية، يتناسب معهم حجر الجشمت، الألماس والفيروز.
_ برج الحمل: طموح ومتحمس يتمتع بالشغف والقوة العقلية، يتناسب معه الياقوت الأحمر والمرجان.
_ برج الثور: يميلون للفخامة والعمل بلا كلل لتحقيق أحلامهم، يتناسب معهم زمرد أخضر، ياقوت والتوباز.
_ برج الجوزاء: مفرطين في التفكير العقلي والقلق، يتناسب معهم الزبرجد، وحجر العقيق والياقوت الأصفر.
_ برج السرطان: بديهي يستطيع قراءة مشاعر من حوله، متحفظون ومبدعون، يناسبهم اللؤلؤ وحجر الزمرد.
_ برج الأسد: مفعمون بالحيوية والعاطفة، مبدعون بشكل فطري، يتناسب معهم العقيق اليماني، الألماس والكهرمان.
_ برج العذراء: عمليون ودقيقون يسعون للمالية، يخططون للنجاح باقتدار، يناسبهم حجر كارنيليان، العقيق واليشب.
_ برج الميزان: مبدعون يتمتعون باللطف الشديد، يتناسب معهم  اليشب، حجر الزبرجد والياقوت الأزرق.
_ برج العقرب: متحمسين ومصممين على نواياهم، يناسبهم التوباز، الزمرد وحجر البيريل.
_ برج القوس: مبدعين يتمتعون بفضول شديد ويحبون المغامرة، يناسبهم حجر التوباز، الياقوت الأصفر والأزرق.

ستظل الأحجار الكريمة تتوارث صفاتها العتيدة، لتكون رمزًا للثراء والقوة والصحة على مر العصور، بجمالها وطاقتها وأسرارها، وحتى بلعناتها التي سكنت الأساطير.

زر الذهاب إلى الأعلى