أدبيمقالات متنوعة

الثانية فجرًا _ بقلم: منى أحمد إبراهيم

وقت النشر : 2024/09/20 11:11:09 PM

الثانية فجرًا

بقلم: منى أحمد إبراهيم

جارفة ومندفعة أنا كالفيضان في كل شيء..
في مشاعري.. وأفكاري..
وفي كل شيء..
في تحكم قلبي واستباقه لكل رؤى التعقل والروية..
في أفراحي وركضي وحبي للحياة..
وحتى في حزني واستسلامي ويأسي..

في لحظات سعادتي أكاد أن ألمس حدود السماء انطلاقًا وتحررًا..
وأدعو كل من حولي لاقتسام البهجة معي.. والشعور بها والتنعم بلحظاتها.. ونفض الحزن والتخلص منه..
بينما في أوقات انقباضات قلبي.. تنقبض معه الأرض الواسعة من حولي.. حتى تضيق ويضيق معها صدري وأنفاسي..
فأعتزل كل الناس وكل شيء..
وأعتزل كل ما أحب.. وأترك كل ما بيدي..
وأتيبس في ركني.. وأنعزل..
في وحدةٍ قاتلة..
تمر كل دقيقة علي بها وكأنها دهرٌ بأكمله..
ما بين عقل أحيلت أنواره لظلمات..
وقلب مثقل بالألم.. بالخزي.. بالاستسلام..
وروح ترثي عمرًا تركته وراء ظهرها… ما جنت منه إلا تسرسب ثوانيه ودقائقه..
عمر لا تعرف فيمَ انقضى.. ولا متى مر وانتهى..

أفترش الأرض.. وأغمض عيني..
وبداخلي يتردد صدى عتاب عقلي لقلبي.. وشماتته..
وهو يلوم قلبي الذي دائمًا ما يسوقني نحو الألم..
فيجلده بحساب قاسٍ لا يعرف رفق ولا رحمة..
ولا يجد قلبي ما يدافع به عن نفسه.. فيطأطئ خفقاته خجلًا وألمًا..

ورغم سكون عزلتي.. أتمتم بكلماتٍ بلا حروف..
وأستعيد ذكرياتٍ لا يعرفها غيري.. ولا يدرك قيمتها أحد سواي..
وأقلب في مشاهد عدةٍ جمعت ما بين الكثير من الوجوه والملامح..
ثم أتذكر أنهم قد ذهبوا.. فيعتصر فراقهم قلبي ألمًا..
أحتضن وسادتي.. وأغلق كفيّ وأقبض على شفتيّ مضمومتين..
وأبكي..
أبكي عمرًا بأكمله.. وضع بين قوسين.. وكأنه انتهى بمجرد ما شرع في البدء..
أطلق العنان لدموعي.. وأناتي.. حتى بعد وقت لا أعرف مقداره.. تجف وأهدأ..
لأسقط رأسي وكتفيّ.. وأنا أرتجف من التعب..
وكلي حسرة على آمالٍ تبخرت.. وأحلامٍ تبددت..
ومشاريعَ كثيرة وارتها الأيام التراب..
وحماساتٍ تبخرت وذهبت أدراج الرياح..
وبروحٍ متثاقلة أجفف وجنتي.. وألملم ما تبقى من بعثرتي وأنهض.. وأعبئ ضلوعي ما استطعت من الهواء..
لأخرج للعالم من جديد..
فأرسم ابتسامة على وجهي.. وأضحك هنا وهناك وكأن شيئًا لم يكن..
فأنا مهما كنت شفافة وأثرثر للجميع..
ولكن..
لا أحد يعرف تفاصيلي الصغيرة..
ولا أحد….
لا أحد.. يعرف قصتي كاملة……

زر الذهاب إلى الأعلى