أدبي

كتبت شيرين شيحه

وقت النشر : 2021/12/06 03:54:10 AM

كتبت شيرين شيحه

 

” ده أنت لو حبيت يومين كان هواك خلاك ملاك”

 

ذات صلة

قفز هذا البيت للشاعر عبد الوهاب محمد يُدندن في رأسي، بالصوت الأسطوري لأم كلثوم، على ألحان بليغ حمدي، وأنا أقرأ جملة:

نكتشف أننا لا نسعى لمجرد الحب، ولكن ما قد يُسبغه على نفوسنا من سمو تلك النعمة الجامحة، التي قد تكون مستحيلة.

والجملة وردت في رواية ” أنا عشقت” للدكتور محمد المنسي قنديل، وبالمناسبة فأنا ابنة نفس المدينة الإقليمية التي أنجبت هذا الروائي الكبير.

سرحتُ طويلًا في الجملة، ومن بعدها في معنى البيت، الذي طالما سمعته، بل وأحفظه وأغنيته “حب إيه”

 

وتوالت على ذاكرتي كثير مما قرأت من الروايات، وكلمات الفلاسفة والأدباء عن هذا الشيء الساحر المُسمى ( الحب)

 

يا إلهي!

ما الذي يفعله بنا هذا الحب حتى يجعلنا لا نستطيع الحياة بدونه؟ وما سره الذي يجعله بهذه الأهمية، وهذا الغموض الذي جعل معه من الصعب وضع تعريف جامعٍ مانعٍ له؟!

 

أمَّا التعريف فإن الأدباء والفلاسفة وحتى العلماء يحاولونه من يوم أن عرف الإنسان كيف يُعبّر عن مشاعره بالكتابة، وأعتقد أنهم سيظلون على هذه الحال إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وأما سره فأرى أن الجملة والبيت السابقين فسّراه؛

فسِرُّ الحب يكمن فيما يُغيره في ذواتنا، في تلك الشمس التي يقذفها في قلب المحب،فتضيء القلب والنفس والروح والخلايا، ويُطل نورها من العينين، فنجد المحبين يُعرفون بسيماهم،وتتكرر تعليقات مَن حولهم بأنه يظهر عليهم، على وجوههم، وفي عيونهم وتصرفاتهم.

 

أذكر أنني قرأتُ جملة للكاتب أنيس منصور تقول: ” أنت لا شيء، ولكنك الدنيا عند من يحبك”

الحب يجمع السعادة والحزن، اللذة والألم، الاهتمام والراحة والعذاب..

الدنيا كلها في شخصِ من تحب.

الحب يجعلك تسلِّم له نفسك مُنقادًا طيِّعًا كطفلٍ صغير أسلم قِيادَه لكفِّ أمه؛ توجهه كيف تشاء، واثقًا سعيدًا وراضيًا، برغم عدم علمه إلى أي الطرق به ستسير.

الحب يسمو بالأرواح

ويُطهِّر النفوس مما علِق فيها من أرذال الدنيا، يرقق الطباع، حتى أنه يستطيع بسهولة أن يُبّدل أشد الوحوش ضراوة إلى مخلوقٍ رقيقٍ، لطيفٍ، يخاف على محبوبه، رغم استحالة وجود تلك الصفات مع غرائزه الفطرية.

وأعتقد أن هذا المعنى هو ما حاول المخرج ( ماريان كالدويل) إيصاله لنا عندما كتب وأخرج فيلم ( كينج كونج) في ثلاثينيات القرن الماضي، بقصة الغوريلا التي وقعت في حب الفتاة الجميلة، من أول نظرة، وضحَّت من أجلها بحياتها دون أن تدري لماذا، غير أنها أحبتها.

وتتكرر نفس قصة حب الوحش للآدمي تلك، ولكن بشكلٍ مختلف، على أرض الواقع، من خلال قصة الأسد الذي اغتال مدربه( محمد الحلو) حينما قتله غدرًا في أحد عروض السيرك بالقاهرة، ثم انتحر الأسد في قفصه بحديقة الحيوان، واضعًا نهاية عجيبة لحياته.

فهذا الوحش الذي غلبته غريزته الفِطرية في لحظةِ ضعف منه، فهجم على مدربه الذي يحبه وقتله، ندم على فِعلته، فأضْرب عن الطعام، ثم انتابته حالة من الجنون فقطع ذيله بأسنانه نصفين، ثم راح يعض ذراعه التي اغتال بها مدربه، وظل يأكل من لحمها حتى مات.

إنها قصة حب من نوعٍ غريب، أفضى إلى الحزن، ثم الوفاء بإنهاء حياته، ندمًا على ما فعله بمن أحب.

هذا بعض ما يفعله الحب بالمخلوقات، والقصص كثيرة وغريبة، وتفاصيلها أغرب.

 

إذا وجدتم من يستحق الحب حقًّا، إذا أتاكم الحب الحقيقي

فاتركوه يفعل بكم ما يشاء

حتى لو عانيتم من عذاباته

فهو أجمل الأقدار، والوحيد القادر على أن يضيف إلى صورتكم البشرية قبسًا من طُهر الملائكة، أن يحارب اليأس ويُجمّل قُبح هذا العالم.

وللحب بقية

أقصد

وللحديث عن الحب دائمًا بقية..

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى