أدبي

احكي يا شهر زاد

الجزء الثالث والأخير

وقت النشر : 2021/12/20 06:45:03 PM

احكي يا شهر زاد

بقلم: أميرة علي

ها قد عدتُ يا أحباء
فعلى الوعدِ لا بد لي من الوفاء
ولنستهلّ الحديثَ بالصلاةِ على الحبيب
مسك الختامِ سيدنا ونبينا محمد
خاتم الأنبياء والمرسلين
قد توقفنا بالمرةِ السابقة
عند روايةِ فتانا المزعومة
عن مصاعب رحلتهِ وكيفيةِ نجاته بإعجوبة
ومرت الأيامُ ما بين مداواةِ الجراح
والسمرِ والأنسِ والإفصاح
عما يجولُ بالبالِ والخاطر
برحابةِ نفسٍ وصدرٍ رحراح
فعمدَ فتانا إلى جذبِ نظرَ الأميرهْ
واستمالةِ قلبها في هذهِ الفترةِ الوجيزة
وتلاعب بكلِ أساليبِ الهوى الممكنة
لأغواءِ وأسرِ قلبها
وقد آل له ما أراد
وهي كانت عجينةً لينةً سهلةَ التشكيل والأنقياد
فقد استغل وحدتَها وشغفَ قلبها الطاهر البريء الرقراق
وبسهولةٍ مطلقةٍ وقعتْ أميرتنا بالفخ
مستسلمة لسطوةِ غرامه
وسلطانِ كلامه
فوثقتْ بهِ ثقةً عمياء
وسلمتْهُ مفاتيحَ قصرها وقلبها
واستأمنتْهُ على أدق أسرارها
ولم يعد أمام فتانا سوى خطوة النهاية
للوصولِ لما عزم عليه من البداية
فكان هذا هو اليوم المشؤوم
التي عقدتْ أميرتُنا فيه نيتها
أن تُطلع مالكَ قلبها على سر وحدتها
وهو أنها حارسةُ الكنز
ولن يحصل عليه إلا من يستحقها
وتكون هي والكنز الجائزة
فلمعتْ عينا فتانا بخبثٍ ودهاء
وهو يحاولُ الادعاء
أن هذا الأمر ليس بيديهِ فلقد ملكتْهُ وأصبحَ أسيرا
فعشقها ليس بيسير أن يجدَ له بديل
فطارَ قلبُها فرحا
وغرقَ بعشقِهِ شغفا
فأخذتْ تسيطرُ على رباطة جأشِها
وتربطُ على لهفة قلبِها
لعلهُ يستكين كيلا يستهين
ففورة العشق تخلبُ العقلَ وتجعلهُ واهنا
فأخذتْهُ من يديهِ على عجل
وغلقت الأبواب
وفتحت السرداب
وعندما دخلَ فتانا المكان
انعكستْ بثاقبتيهِ بحورٌ ليس لها شطآن
من ذهبٍ وأحجارٍ نفيسةٍ نادرة
لا وقعتْ عليها عين إنسٍ قط ولا جان
وبينما هي متلهفةٌ لأن يعرضُ عليها أن يشاركها حياتَها
وترسمُ بريشةِ العشقِ والخيالِ ما تأملهُ من زوجِها
قام الفتى بأخذِ خطوةٍ غادرة
بطعنِها في صميمِ قلبِها
بنصلٍ حاد مسمومٍ وتركَهُ بالقلبِ مغروز
فنظرتْ إليه في ذهول
وعيناها تصولُ وتجول
وبها سؤال عشقٍ مغدور؛ لمَ؟
لقد وثقتُ بك وأحببتك
ولم أتمنَّ غير أن أشاركَكَ حياتكَ وأيامك
أُحققُ معكَ أحلامَكَ وأكون أُنسُكَ وملاذك
في عجافِ زمانِك
وهناءكَ في زهرِ حياتك
وبلمحِ البصرِ كانت تحترق بنارٍ وهاجةٍ حارقة
وبسرعةٍ تثيرُ الدهشةَ تحولت الأميرة لكومةِ رماد
كأن وجودها كان حلما وسرابا

والآن علي الرحيل، فالوقتِ ليس بكثيرٍ على الصباح
حتى يقوم الديك بالصياح

ذات صلة

أهو يومُ الفراق، يا رفاق؟
هو يوم الفصل في النهاية
لما وصلتْ إليهِ الحكاية
ونبدأ حديثنا الأخير
بالصلاةِ على حبيبِنا محمد أشرف الخلق والمرسلين
توقفنا بالأمسِ عند قتلِ الأميرة
وفرحةِ فتانا وفوزهِ بالغنيمة
فعندما سرقتْ الفرحةُ لُب فتانا
سارَ يرتعُ ويلهو بالذهبِ والأحجارِ الفتانة
ونسيَ أمرَ موت الأميرة
إلا أن نسيانهُ لم يدم مدةً طويلة
فبعد فترةٍ وجيزة
شعرَ فتانا بلهيبٍ يشتعل
وإلى العنانِ يصل
فنظرَ بدهشةٍ وحيرة
وإذا به يجدُ عنقاءَ متوهجة
تخرجُ من جمرِ النارِ المحترقة
وتقتربُ وبعينيها نظرةٍ مَحِقة
تُثيرُ الرعبَ والحفيظة
لكنها ليست بغريبة
فهو يشعرُ أنهُ يعلم هذه العيون المريبة
فتبسمتْ عنقاؤنا باستعلاء
وقالتْ بتكبرٍ ودهاء
نعم أنا هي
أنا من سلمتُ قلبي ووجداني
واعتقدتُ أنك أُنسي وأماني
ونثرتُ مشاعري البكر تحت قدميكَ دون توانِ
نسجتُ معكَ أحلامي
ووهبتُكَ سنيني وأيامي
فدعستها دون أن يطرفَ لك جفن
غادرٌ أفاق
تدعي العشقَ بخبثٍ ودهاء
وتحيكُ خططَ الأغواء
لتوقعني في شبكةِ هواكْ
لتحظى بالكنزِ دون عناء
لكنك لا تعلم حقيقة الأسطورة كاملة
فلو وقعتَ بالعشقِ الصادق
امتلكتَ الكنزَ وقلبَ الأميرة معا بسهولةٍ مدهشة
أما إذا انتويتَ الغدر
خلقتَ وحشا كاسرا
يحرقُكَ يحولُكَ لرمادٍ غابر
فاسعد بأبوابِ جحيمِكَ فقد فُتحت
وأهلا بِكَ في نارِ السعيرِ فقد حُميت
وبلحظةٍ خاطفةٍ احتضنتهُ العنقاء
وحلقتْ لعنانِ السماء
فاحترقَ فتانا في الحال
وتحولَ إلى غبارٍ و هباء
وظلتْ عنقاؤنا بالقصرِ حبيسة
حارسةً للكنزِ وأسيرة
في انتظارِ من يستحق عودتَها
وانبعاثها من جديدٍ إلى أميرة..

وللأسف أحبائي حان موعد رحيلي
ولكن على وعدٍ بلقاءٍ جديد
مع رواية جديدة
أحداثها مثيرة عجيبة
فلقد أشرق الصباح
ولا بد لي من السكوتِ المباح
فلقد أذنَ الديكُ وصاح..

احكي يا شهر زاد.

تمت المراجعة والتنسيق من قبل فريق ريمونارف.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى