أدبي

الضفة الآمنة

وقت النشر : 2021/12/20 04:41:13 PM

الضفة الآمنة
بقلم: شيماء محمد عبد الله

أنا أحد الذين يباهون بندوبهم دون خجل، تلك الندوب رغم بشاعتها جعلت مني شخصا أقوى، أفلت يدي التي تأذت من كثرة المحاولة، أترك الأماكن التي استهلكت طاقتي، أدير ظهري بابتسامة وداع، أجيد تخبئة أدمعي، تلمع عيناي، بينما أنزف ألما بداخلي….
الندوب أنضجتني بالطريقة الصعبة، وأنا… لا أخجل أبدا حين أقول أنني هزمت في موضع ثقة، وأن الأيادي التي ساندتها قد بترت أصابعي غدرا – أصابعي التي صفقت دوما لهم – أبكي حين أتذكر كل الذين شاركتهم الغرق فنجوا ثم أغرقوا بوضاعة حقيرة قاربي….
الآن، أنا على مقربة من الضفة الآمنة أبتسم لقرب الوصول للمرفأ، وربما لن أصل، لكنني نجوت من الغرق، كففت عن رثاء نفسي، عن البكاء على هزائمي، سأجتاز كل الدروب بمفردي..

أقف الآن أمامكم شامخة.. يصفق البعض لمعجزة نجاتي، ويحقد البعض دون خجل،
لكن كلا الفريقين لم يبصرا جراحي، لم يمعنا النظر نحو خطواتي العرجاء المتعثرة، لم يسمع أحدهم صراخي، ولم يروا قيح جروحي ولا غزارة نزيفي، ولا بشاعة الشقوق التي أخيطها كل يوم بمخيطٍ صدئ فتترك خدوشا قاسية، كأنها تأبى أن تسقط من الذاكرة.
أنا أحد الذين ينخر الوهن أجسادهم، تتآكل ضمادة صبرهم، تسقط ملامحهم، تقام مأدبة على شرف مواجعهم، أنا على بعد أميال من الضفة الآمنة، أخيط ثوبا من الأوسمة، أخبئ بقايا هزائمي، ألون مقبرة الذاكرة لأرى شمسا لامعة تشرق من عينيّ الضارعة لأرى تصفيقا حارا، مواساة للقلوب الصابرة، للنفوس الراضية
لأولئك الذين يباهون بندوبهم…..سلام عليكم أيها الشجعان العمالقة.

الضفة الآمنة.

ذات صلة

#تمت_المراجعة_والتنسيق_من_قبل_فريق_ريمونارف

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى