أدبي

سيدتي الجميلة

وقت النشر : 2022/01/09 03:28:24 AM

سيدتي الجميلة

بقلم: عائشة العزيزي

قد ارتقی حال الفن في بلدنا كثيرًا، بداية من مسرح مصر الذي لا يقدم أي شيء له قيمة أو معنی، سوی أنه أخرج لنا شبابا بعضهم يجيد التمثيل ببراعة، وذلك ما ظهر واضحًا عندما أتيحت لهم الفرصة في عمل خارجي فأصبحوا نجوما مع أن بدايتهم ليس لها أي قيمة نافعة للمُشاهد، ثم زاد حالنا تفوقا بوجود أغاني المهرجانات، التی لا تنم إلا علی أننا أصبحنا شعبا بلا وعي يلهث وراء(الزيطة والدوشة) والكلام القبيح المقزز.

لم ننتهِ أو نقف عند هذا الحد، لاااا..بل زاد حالنا إلی أعلی درجات الرقي الحيواني فخرجت علينا مهرجانات العري لتفضح ما تحمله القلوب من قذارة أباحت الأجساد سلعة لتحقق أعلى تريند في سوق الرق، ولكن باسم جديد يدعی التريند، ولم ننتهِ عند هذا الحد، فأصبحنا نهتم بالثروة الداجنة ولكي نشجعها بضمير يقظ وعقل حكيم للغاية، عملنا أغنية للبطة أحد أعضاء تلك الثروة حتی نخرجها من نفسيتها السيئة التي جعلتها تفكر في الانتحار طويلًا، ولرفع روحها المعنوية ولقيمتها العالية أطلقنا عليها (شوشو)، فأصبحت الأخت شيماء أهم من الديك نفسه الذي غنی لها، ولكن كم هي عظيمة الأنثى في كل شيء، استطاعت أن تخرجه من فقره إلی صاحب ملايين المشاهدات، فعلًا كم أنتِ سخية أيتها البطة! ولأن الحمد لله مشاكل مجتمعنا الحبيب كلها تبخرت، ولم يعد لدينا أية مشكلات نتحدث عنها فكل شيء في حياتنا في ازدهار، وجدنا أنه من الواجب علينا أن نسترخي ونلقي بظهورنا للوراء ونحن نشرب كوب القهوة المفضل ونتنفس الصعداء ونحمد الله علی خلو بلادنا من أي شيء ينغص علينا عيشتنا ويكدرها، فصرنا نقول ونجزم بأن عقولنا في صفاء، وقلوبنا في نقاء، وكأننا نعيش في الجنة ونعيمها حتی أصبحت الغزالة رايقة والناس الحلوة فايقة.

ما الفائدة فيما أكتبه أنا وكل أخواني ممن يحاولون السمو بالذوق العام من الكُتاب؟

أي ذوق عام أو سمو بعد كل هذا الانحلال؟! نحن نجلس لنقرأ بالساعات، ونفكر بالساعات حتی نخرج بفكرة جميلة، عمل جيد يقرأه بالكاد(20 : 50)شخص، بينما الأشياء الهابطة التي تدعو للفحش والمجون يلتف حولها الملايين لسماعها، أشعر وكأننا نزرع فی أرض جراتينية لا تستقبل ماء ولا هواء، صخرة لا تجني منها إلا تعب ذراعيك وكفيك وأنت تحفر فيها لكي تزرع الورود، ولكن لا فائدة من كل ما نفعله نحن، صرنا أمة كالتي نقضت غزلها من بعد قوة، الحزن يُقطع قلبي الذي لا يطاوعني أن أتخلی عن قلمي، وعقلي يقول كفاكِ عبثا وجريا وراء سراب فلن تغيروا شيئًا من هذه الحقيقة المظلمة، إن كل ما نفعله يذهب سُدی مع الريح.

شعور قاسٍ جدًا يا أيها البلد العريق أن يكرم فيكِ التوافه ويرفعون فوق الأعناق، ويُهان فيك العلماء وأهل الفكر وكل من حاول أن ينهض بكِ وينتشلك من بئر الضياع الذی سقطتِ فيه إلی حد الوحل.

سيدتي الجميلة، أقصد يا من كنت كذلك! اعذريني؛ لقد تعودت أن أرى الشمس تشرق من جبهتك وما عادت، رأيت القمر يضحك في ثغرك البسام، شبابك كله كان في قوة شبابك، وما عادت لهم قوة بعد أن أهلكهم التحرش الفكري الذي أعادنا إلی الخلف، سئمنا الحياة فيكِ ولا نطيق العيش بدونك لحظة.

غاليتي، أخبرينی بالله عليكِ، أأنسحب ونترك لهم الميدان فلم يعد لنا مكان فيه؟ أم ننتظر ربما تعود إلينا مِصرنا البراقة، من أخرجت لنا ذات يوم أهل العلم والدين والصلاح والخلق، وكانت تهدينا فنا يرسِّخ فينا كل المعاني والقيم الحميدة سابقًا؟

 أخبريني، فلم يعد القلب يحتمل وخزات أكثر، لا أريد أن يموت الأمل بداخلنا بعد كل ما نراه، أخبريني، ولو بتمتمات تحدد لنا بوصلة نكمل بها الطريق، ما الحل حبيبتي، ما الحل ؟!

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى