أدبي

ماذا لو

ماذا لو

وقت النشر : 2022/03/08 10:39:59 PM

ماذا لو؟!

بقلم: شيماء محمد عبدالله

ماذا لو غادرتنا الحرب، ونبتت فوق القبور شجيرات فل؟
ماذا لو اهتز عرش الطغاة؟ وأطلقت البنادق بدل الرصاص ورد، أو سقطت من الطائرات رسائل حب؟!
حينها سأعود وأفتح البيت، أمزق من ذاكرتي أهوال الحرب ووجع الغربة وبرودة وضيق الخيمة.
حينها سأبكي على كتفيك، أغزل لك معطفا يضمك، كما لن أفعل أنا، أو ربما شالا سحريا ينتزعك من الموت!
لا.. لم أجن، لكنني أفتقدك.
أفتح صندوقا وأبحث عن ملامحك!
انتظر.. سأطهو لك الكعك
مهلا..
ألا يمكنني أن أنجب منك بعض الأطفال، وكلهم سيشبهونك أنت؛ يسيرون في جنائز الرفاق بدلا عنك؟

أظنني تعلمت الدرس، حين تعود من الموت، سأخبؤك في عمق القلب، وحدقة العين، وأشيد من حولك جدارا، جدارا يهزم الرصاص والفقد، يقتل الحرب التي سرقتك، وأبدا
لن أستبدلك هذه المرة بالوطن، لا لن أخونك أنت، سأخون الوطن!
لا تغضب.. أنت حقا لا تعرف ماذا حدث؟! لقد خاننا الوطن الذي لم نخنه، قتلنا وغرس سيفه في النعش.
الوطن الذي لوحنا له بالحرية قيد أرواحنا بالأصفاد، لفظنا في شوارع الغرباء!

أكان يفترض بالحرب أن تزيد شجاعتنا، أو أن تحسن الوضع؟ فلماذا إذن، عشش الموت في كل بيت؟ وحمل كل قلب في جوفه قبر؟
لا تتهمني بالخيانة، ما زلت على الأقل إنسانة، لكن أخبرني أنت؛ ماذا تبقى لي منك؟ كيف هو وطننا خالٍ منك؟!
أجبني.. ماذا تبقى لي؟!
صورتك على جدار الغبار المسافر؟ أم طفلك اليتيم منك؟ أم البيت الذي ضمك كقبر لك؟ أم جوعي ولهفي إليك؟ أم ربما الوطن الذي لفظنا ولم يعد فيه شبر من حقنا؟!
ليتك لم تحب الوطن، ولم تمت فداء له؟!

أعتذر، أنا فقط لاجئة في البلاد الباردة، خائفة وجائعة، أتسول الطعام والأمن لأطفالنا، أحكي لهم عن وطن قتلناه وقتلنا، أربيهم كما عهدنا على القضية..

ثرثارة؛ أنا أعلم، لكنني أفقد الذاكرة، أنسى كثيرا اسمي، لكن عينيك المفجوعتين، جثتك الباردة، ودماؤك النازفة كلهم يطاردونني في الظلام، صورة الوطن، والبيت والرفاق والمدرسة؛ كلهم يتساقطون مني، تسلبهم الغربة، أو ربما الجوع، أو…
لا أعرف حقا، ربما فقدت عقلي..
لكنني أرسم كل يوم صورتك، حتى إذا ما انتهت الحرب، عدت وبنيت لنا بيتا، وعلى بابه سأعلق صورتك، سأرسمها كل يوم لأنني تخونني الذاكرة من هول ما رأيت، من كثرة الوجوه التي فقدت!
لأنني لن أسامح نفسي إذا نسيتهم مثلما فعل الوطن، حينها أكون حقا قد قتلتك وقتلتهم.
لا تخف أبدا علي، ما زلت أحمل مفتاح البيت، سنعود يوما إليه، ألن تعود أنت؟
ملعونة الحرب التي فرقتنا، هزمتني وسرقتك..

ماذا لو؟!

تمت المراجعة والتنسيق من قبل فريق ريمونارف الأدبية.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى