مقالات متنوعة

موائد الرحمن بين الماضي والحاضر

وقت النشر : 2022/04/09 07:26:54 AM

موائد الرحمن بين الماضي والحاضر

 

كتبت: إيمان عرابي

 

<<رمضان في مصر حاجة تانية>> هذه حقيقة فعلاً وليست كلمات رقيقة يتغني بها المطربين، فالشهر الكريم في المحروسة مليء بالعديد من الطقوس والمظاهر التي تميزه عن غيره من الشهور.

تشتهر مصر بكثير من الطقوس المميزة التي دائما لها طابع خاص بهذا الشهر الكريم. من أهم هذه الطقوس موائد الرحمن والتي تعكس الكرم والتكافل الإجتماعي والتراحم بين المصريين.

اختلفت الروايات حول تاريخ موائد الرحمن ومن أول من أقامها في العهد القديم، فبعض الروايات ذكرت أن بدايتها كانت منذ عهد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حين أقام مائدة للوفد الذي أتى إليه للمدينة قادمين من الطائف لإعلان إسلامهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرسل لهم إفطارهم وسحورهم مع بلال بن رباح.

 

اقتدى الخلفاء الراشدون برسول الله صلى الله عليه وسلم حتي أقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه داراً للضيافة ليفطر فيها الصائمون والفقراء والمساكين وعابرو السبيل.

وفي عهد الدولة التي أسسها أحمد بن طولون وهو صاحب فكرة موائد الرحمن في مصر لأنه كان شديد العطف على الفقراء والمساكين طوال العام.

رأى أحمد بن طولون في شهر رمضان الفضيل مناسبة كريمة لاستثمار الفضائل، فأمر بدعوة أغنياء وحكام الأقاليم في أول يوم من رمضان ووزعهم على موائد الفقراء والمحتاجين كي ينفقوا عليها، وعُرِفَت موائد الرحمن وقتها بالأسمطة، وتوارث أبناء أحمد بن طولون فكرة موائد الرحمن التي امتدت حتى عصرنا الحاضر.

أيضاً في عصر هارون الرشيد انتشرت موائد الرحمن وكان يقيمها في حديقة قصره ويخرج متنكراً بين الصائمين يسألهم عن جودة الطعام.

في عهد الخليفة المعز لدين الله الفاطمي كانت تقام موائد الرحمن وبها أصناف متعددة من الطعام تصل إلى 1100 صنف وكان يُطلَق على موائد الرحمن الخاصة بالفاطميين <<دار الفطرة>> حيث وصل طول الموائد إلى 175 متراً وعرض 3 أمتار.

اختفت موائد الرحمن في عهد الدولة العثمانية والمماليك بسبب انتشار الحروب، ثم جاء الإستعمار الفرنسي والإنجليزي. بعدها انتشرت الجمعيات الخيرية التي أعادت إحياء موائد الرحمن في الشهر الكريم مرة أخرى.

وقد أُقِيمَت أول مائدة رحمن قبطية في شهر رمضان عام 1969 بشبرا في القاهرة والتي أقامها القمص صليب متى ساويرس راعي كنيسة مارجرجس وكانت تعتبر مائدة إفطار للمسلمين والمسيحين.

وبمرور الوقت أصبحت تمتد موائد الرحمن في مصر في الساحات بطولها وعرضها. وتشير الإحصاءات إلى وجود أكثر من 40 ألف مائدة مُوَزَعَة على جميع محافظات مصر تستأثر قاهرة المعز بحوالي 20 ألف منها تقريباً. وهذا أكبر دليل على التكافل والتراحم بين المصريين.

فعلا <<رمضان في مصر حاجة تانية>> مثلما يتغنى الجميع.

زر الذهاب إلى الأعلى