أدبي

فراشة الأمنيات

وقت النشر : 2022/05/06 09:43:53 AM

فراشة الأمنيات
بقلم: بشائر حميد محمد

 

أعياه الجري لمسافات طويلة مع أطفال

الحي ذلك اليوم بحثا عن فراشة الربيع

الذهبية، فقد واظب ليث وأصدقاؤه منذ

بداية العطلة الصيفية على عملية بحث

يومية -وعلى مدار شهرين أو يزيد-

للعثور على تلك الفراشة السحرية لتحقيق

أمانيهم، كما أخبرتهم السيدة العجوز التي

تقطن في أطراف قريتهم المنسية.بينما

 

عاد مساءً إلى بيته الذي لا يحتوي سوى

على حجرة متهاوية، وسورٍ بَنَتْه والدتُه

من سعف النخيل وجذوع الأشجار بينما

الخاوية بعد أن توفى والده وتركهم في

متاهات الحياة، لتمرض بعدها والدته من

شدة الحزن، وجدته العجوز هي الأخرى

لم تكن أفضل حالا، وكانت تقطن معهم

وتعينهم قدر الإمكان.بينما

 

نام ليث بعمق على وسادته الباليه وفراشه

الرث دون أن يشعر بلسعات البعوض التي

تقتات على جسده الصغير، جاءت إليه

والدته وغطته، وقد زينت جبينه بقبلة،

وتمنت له صباحا بهيا، فقالت لها جدته

التي تنام على مقربه منه: “أتمنى أن بينما

تخبريه غدا أن ما يسعى وراءه مجرد حلم

أحمق.” فأجابت والدته: “دعيه يجري لكن

خلف أحلامه، فإما أن يحققها ويصنع منها

واقعا إذا ما كبر، أو يمضي ويخلفهابينما

ذكريات طفولة جميلة لسنين العمر التي

تجري، وتشغله الدنيا عنها.” بينما

 

ذات صلة

صباحا، تأهب ليث لرحلة البحث من

جديد، وأخذ كسرة خبز وقنينة ماء بعد

أن نادى على والدته التي لم تجربه بينما

ومضى، وقبل أن يخطو إلى خارج داره

سمع صراخا من داخل الحجرة، فعاد

متعثرا ليجد والدته بأحضان جدته وقد

لفظت أنفاسها الأخيرة، اقترب منهما

باكيا وقد وعى ما جرى، فقال “أنا السبب،

كان علي بذل جهد أكبر للعثور على فراشة

الأمنيات.” بينما

فأخذته جدته إلى صدرها وهي تبكي

وتقبله، بكى ليث هو الآخر، وقرر منذ ذلك

اليوم أن لا يؤمن بالأحلام، وأن يسعى

لصنع عالم خاص به، ثابر وصارع الحياة

حتى أصبح طبيبا كبيرا في مدينته، ورغم

حصوله على بيت كبير، وسيارة جديدة،

وعائلة جميلة، إلا أنه ما زال ينقب في

ذاته عن فراشة الربيع الذهبية في حجرته

القديمة.

 

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى