اقترب الوعدُ الحقُ فلسطين فصبرًا
بقلم: كريمة عوض
تناثرت أوراق شجرة الصنوبر تترامى هنا
وهناك على أرضٍ تئنُ بوجع هذه الشجرة،
والتي ظلت لأعوام عديدة تتمسكُ
بأوراقها في شموخٍ وكبرياء، تتحدى بقية
الأشجار بأنها من الشجيرات دائمة
الخضرة صيف شتاء، ليست كمثلهن
أشجارًا نفضية «تنفِضُ أوراقها» ما أن
يأتي الخريف حتى تتساقط أوراقها
وتتعرى من جمال شكلها، تُراقبُها تلك
العينان من خلف النافذة، عينيّ تلك
العجوز التي رسمت الحياة بتجاعيد
وجهها لوحةً من الأسى والضياع والحزن
من أجل وطن تُسفك لأجله الدماء أنهار
كل لحظة، باتت تخشى وتهابُ أن
يزورها ملك الموت قبل أن ترى فلذة
كبدها الذي غاب في الحرب طويلًا، أكبر
أبنائها وأقربهم لقلبها، يقضي سنوات
عمره في استرداد حق وإجلاء مغتصب
عن وطنٍ شريف، طال به الغياب حتى
أنه لا يعلمُ شيئًا عن شقيقيه اللذين
استُشهدا إثر صاروخ غادرٍ جعل دماءهم
تختلط بتراب أرضٍ ها قد بدأ نباتُ
بذورها حديثًا في الظهور للحياة.
وهي في جلستها الدائمة تلك تتأمل
وتتمنى حضور الغائب الحاضر، فإذ
بنحيبٍ وعويل تهتزُ له جدران البيت
وحفيدٍ يصيحُ من خلفها: جدتي..
جدتي.. لقد استشهد أبي.
لم تُجب، لم تأتِ بأىّ ردة فِعل تُذكر، إنما
كانت تُراقبُ عن كثبٍ غُصنًا أخضر بدأ
يَشقُ طريقه في رفيقة دربها، شجرة
الصنوبر.
