مقالات متنوعة

أسرار صادمة عن عقيدة أجدادنا

وقت النشر : 2022/08/09 10:12:35 AM

أسرار صادمة عن عقيدة أجدادنا

بقلم: بسمة أشرف

هناك كثير من الآراء تكفر القدماء المصريين، منهم من قال أنهم مشركين بالله، ومنهم من قال أنهم من نسل فرعون مدعي الألوهية، وآراء كثيرة جدا تشبه تلك الآراء، وهناك العديد ممن يستشهد بفرعون موسى لكي يكفر قدماء المصريين، ولكنهم نسوا أن زوجة فرعون السيدة آسية كانت مؤمنة بالله، وكما أن سحرة فرعون عندما شاهدوا معجزة سيدنا موسى عليه السّلام آمنوا بالله، ولهذا من الظلم أن نعمم أفعال فرعون موسى وأتباعه على جميع الحقب التي سبقته أو لحقته ونقوم بتكفيرهم!

هناك العديد من الدراسات التي تشير أن فرعون موسى هو أحد ملوك الهكسوس الذين لا يمثلون المصريين القدماء بأي شيء، وإذا قرأت أكثر عن الهكسوس ستجد أن معظمهم كانوا متجبرين ومفسدين، وعكسوا احتلال غاصب وغاشم على مصر وخيراتها!! ولكن في النهاية أنا لا أؤكد بنسبة100% على أن هذه الدراسة هي الصح المطلق وإنما في نظري هو الرأي الأقرب للصواب!! والله أعلم.

ومن هنا نجد سؤالاً هل كان الفراعنة كفار؟
في البداية وقبل أي شيء نوقن بالتأكيد أن الله سبحانه وتعالى لن يترك شعوب وحضارات مثل الحضارة المصرية القديمة بدون شاهد أو رسول يهدي الجميع لعبادة الله الواحد الأحد، وهناك العديد من النصوص القرآنية التي تدل على ذلك، حيث قال تعالى بسم الله الرحمن الرحيم:
“وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ۖ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ۚ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ” سورة النحل آية 36، وأيضا قال:
“وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِن نَّبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ” سورة الزخرف آية 6، وغيرها من الأدلة القرآنية التي توضح وجود رسل في جميع الأمم ومنهم الأمم المصرية القديمة.

ثانيًا، إذا انتقلنا إلى بعض الكتابات والنقوش القديمة سوف نجد الآتي: أولا، كلمة دين هي كلمة مصرية قديمة مشتقة من لفظ “دي – ديو” وهي تعني بلغتنا الحالية رقم خمسة، وإذا أضفنا عليها نون تعتبر عقيدة دينية، تصبح العقيدة الخماسية، وهذه العقيدة الخماسية عند قدماء المصريين تشبه أركان الإسلام الخمسة حاليًا، التوحيد والصلاة والصوم والحج والزكاة، وإذا كان هذا الكلام بالفعل صحيح فلابد من وجود أدلة على كل عقيدة من العقائد الخمسة في العصور المصرية القديمة.

التوحيد عند مصر القديمة
من أهم المصادر المصرية القديمة التي ذكر فيها التوحيد هو “كتاب الموتى”، وهناك نص فيه يقول “واع وعو..نن سنو”، وترجمتها هي “واحد أحد ليس له ثاني”، وأيضاً على متون الأهرام هناك بعض الجمل التوحيدية مثل “يانوك نيتر – واع وعو – حبردس اوف – نن سنو اف”، وهي تعني” أنا الإله واحد أحد موجد نفسي بنفسي وليس مثلي أحد”، وأيضاً إذا نظرنا إلى بعض الكلمات المصرية القديمة وهي “اسبو” وتعني العلم الإلهي وتم إضافة علامة تفسيرية لها في أحد النقوش القديمة وهذه العلامة على هيئة شخص يرفع ذراعه وفي حالة تعبد لله، وبالتالي كل هذه النصوص تدل على وجود عقيدة توحيدية في مصر القديمة.

الصلاة عند مصر القديمة
-وإذا انتقلنا للجزء الثاني وهو الصلاة، فسوف نجد أنها كانت تتم بعد الوضوء، وبيت الوضوء عند مصر القديمة “بر .. ضو ” وبر تعني بيت وضو تعني الوضوء، وإذا نظرنا لجدارية الملك مينا نجد أنه كان ذاهبا للبر ضو أو بيت الوضوء، وكان يذهب خلفه الخادم الخاص به وكان يحمل “التشبتشب” وهو لفظ مصري قديم يعني حاليًا الشبشب، وكان يحمل أيضاً في يده الأخرى إبريق المياه الذي سوف يقوم بالوضوء بها استعدادا للصلاة، وكان شكل الصلاة في مصر القديمة كالآتي:
إذا نظرنا إلى بعض النقوش القديمة في تل العمارنة، فسوف نجد أن قدماء المصريين كانوا يسجدون لله في اتجاه القبلة، وكان في الأمام شخص يسمي “امم” ويعني حالياً الإمام، وأيضاً كان من الواضح أنهم ساجدين على لحيتهم وليس على جبهتهم، وهنا يتحقق لفظ الآية القرآنية التي تقول” إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا” سورة الإسراء آية 107.

الصوم عند المصريين القدماء
كان أجدادنا بالفعل يصومون، وكلمة صوم جاءت من كلمة مصرية قديمة”صو”، والتي تعني يمتنع عن، والمقصد هنا من الامتناع، هو الامتناع عن الطعام أو الشراب أو الكلام، وهنا نجد سؤالاً؛ هل كان بالفعل يوجد صيام في مصر القديمة بشكل عام؟!
دكتور وسيم السيسي “وهو أستاذ جراحات المسالك البولية وباحث في تاريخ مصر القديمة” يجد أن الإجابة في القرآن الكريم حيث قال تعالى: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ” سورة البقرة آية 183، وبالتالي نفهم من هذا أنه كان هناك بالفعل صيام في العصور القديمة قبل الإسلام.

وإذا نظرنا إلى مقولة “وحوي يا وحوي إيوحه” التي نذكرها دائما في رمضان، فنجد أن أصلها يرجع لقدماء المصريين فكلمة وحوي جاءت من كلمة واحا بمعني ظهر، وإيوحه جاءت من كلمة يوحا وهو ملاك القمر، وبالتالي تعني “اظهر أيها القمر” وهذا لكي يبدأوا بالصيام، وبعد انتهاء الصيام كان يأتي عيد مكون من يومين.

الحج عند المصريين القدماء
الحج كلمة مصرية قديمة بمعني النور أو الضياء، وإذا نظرنا إلى كلمة الحجاز وهي السعودية حالياً، فهي مشتقة من كلمتين: حج والتي تعني نور، واز تعني المتجه إلى، وإذا قمنا بجمعهم سوف تعني “المتجه إلى النور”؛ وبناء على كلام دكتور وسيم كان يوجد جاليات تذهب للجزيرة العربية لكي تصل للكعبة وتحج هناك، وهذا لأن الكعبة كانت موجودة بالفعل قبل إعادة بنائها مرة أخرى علي يد سيدنا ابراهيم عليه السّلام، وكلمة كعبة هي كلمة مصرية قديمة كابا والتي تعني مكعب.

الزكاة عند المصريين القدماء
كانت تعبر عن الزكاة كلمة مصرية قديمة إسمها ماعو، وإذا أضفنا لكلمة ماعو حرف النون الذي ذكرنا أنه عقيدة دينية، فتصبح الماعون، والماعون في القرآن هو الزكاة، حيث قال تعالى “وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ” سورة الماعون آية 7، وهذا يعني بالفعل أن كان هناك عقيدة خماسية عند قدماء المصريين.

وبالنسبة لقصة الإله رع وإله القوة وإله المحبة وغيرهم من الآلهة التي توضح لنا أن القدماء المصريين كان لديهم تعدد في الآلهة، وبالتالي هذا يدل على شركهم بالله، وهنا تحدث الدكتور مصطفى محمود عن هذا الموضوع بشكل تفصيلي، وقال إن تعدد الآلهة التي يقال عن القدماء المصريين ليس صحيحاً لأن كل أسماء الآلهة التي كانت لديهم كانت عبارة عن أسماء الملأ الأعلى أو فيما يشبه ذلك لأن كتاب الموتى ذكر أن كلهم خاضعين لإله واحد، وأن كل هذه الأسماء حكمها حكم جبريل وإسرائيل وباقي الملائكة.

أشخاص من قلب الحضارة المصرية كانوا موحدين بالله
وموضوعنا لم ينتهي بعد، فهناك أشخاص من قلب الحضارة المصرية القديمة كانوا موحدين بالله، منهم الحكيم بتوزيريس وهو كان كبير كهنة الأشمونيين بصعيد مصر في عصر الأسرة المصرية الثلاثين وهي الأسرة الأخيرة، وإذا ذهبنا إلى صعيد مصر وبالتحديد في محافظة المنيا ونجد في مقبرة الحكيم بتوزيريس نقوش توحيدية في صورة مواعظ ترجع لسنة 350 قبل الميلاد، وترجمة بعض نصوص وكتابات هذا الحكيم بتوزيريس هي كالآتي..
” أيها الأحياء.. لو وعيتم ما أقول واتبعتموه فسوف تستفيدون منه خيرا، إن سبيل من يخلص نفسه لله فيه صلاح، وكان توفيق الله يلازمني طوال الليل كما كنت أعمل طبق أمره من الفجر، ولقد مارست العدل وكرهت الظلم ولم أعاشر من ضلوا سبيل الله، ولقد فعلت هذا كله لأني كنت واثقا من أنني سوف أصير إلى الله بعد مماتي، ولأني آمنت بمجيء يوم قضاء العدل وهو يوم الفصل حيث يكون الحساب”
وهذا ما يدل على التوحيد لأنه ذكر لفظ الله بصيغة المفرد وليس بصيغة التعدد، ولكن البعض من يقول أن هذا الكلام سنة 350 قبل الميلاد وفي نهاية الحقبة الفرعونية ونريد نصوص لأشخاص أقدم من هذا.

وصايا الحكيم بتاح حال لإبنه
هنا، ننتقل لوصايا الحكيم بتاح حتب لابنه، وكان بتاح حتب وزيراً لأحد الملوك في الأسرة الخامسة التي يرجع تاريخها لحوالي 4500 سنة، وكتب وصايا ونصائح لابنه وتم ترجمة البعض منها كالآتي:
“بيد الإله مصير كل شيء ولا يجادل في ذلك إلا جاهل، سيرتضي الله عملك إذا كنت متواضعاً وعاشرت الحكماء، ليكن لناس نصيب مما تملك، – ويقصد هنا الصدقة والزكاة – فهذا واجب علي من يكون صفيا لله، إن تدبير الخلق بيد الله الذي يحب خلقه، إن الله يعز من يشاء ويذل من يشاء لأن بيده مقاليد الأمور”
وهذا الكلام يدل على أنه كان موحد ومؤمن بالله، ولم يكن بتاح حتب فقط هو من أوصى ابنه بالوصايا التوحيدية؛ فسيدنا لقمان الحكيم أيضاً أوصى ابنه بوصايا تشبه هذه الوصايا، ونذكر أن سيدنا لقمان – بإجماع جمهور المؤرخين والمفسرين مثل ابن كثير وابن عباس وغيرهم- ولد في مصر وبالتحديد في بلاد النوبة، أما بالنسبة للوقت الذي عاش فيه فكثير من الأراء استقرت على وجوده في الأسرة الحادية والعشرين، وبالطبع جميعنا نعلم الوصايا التي أوصى بها ابنه، والتي ذكرت في القرآن الكريم حيث قال تعالى “يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ ۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ” سورة لقمان آية 17.

لقد عاش الحكيم بتوزيريس والحكيم بتاح حتب وسيدنا لقمان في الحضارة المصرية القديمة، وكانوا موحدين بالله، ومن هنا نستنتج أن التوحيد كان منتشراً بالفعل في العصور القديمة، وأن الله بعث أنبياء ورسل لكي ينشروا رسالته في الحقبة المصرية القديمة ومنهم سيدنا إدريس عليه السّلام.

لقد قمت بعرض دراسات وأبحاث مختلفة، ومن الجائز أن يقوم البعض بإعادة نظرته للحضارة المصرية القديمة وخصوصاً في الجانب الديني لها.

أسرار صادمة عن عقيدة أجدادنا
أسرار صادمة عن عقيدة أجدادنا

المصادر
-كتاب المسكوت عنه في التاريخ لدكتور وسيم السيسي
-كتاب قدماء المصريين أول الموحدين للدكتور نديم السيار
-كتاب المصريين القدماء أول الحنفاء للدكتور نديم السيار.
-كتاب أرض الإله.

زر الذهاب إلى الأعلى