أدبي

الْغَرِيبُ

انفراده وذاته

وقت النشر : 2022/12/28 10:50:20 PM

الْغَرِيبُ

بقلم: محمد بن زيد

 لقدْ تراكمت داخلكَ الأنْفس الموؤدة في سبيل تطويعكَ للحياة.
جُلمة ألقيَتْ أمام قلبه بلسانِ عقله الممَنطَق. قد كانت الأيام كفيلة بإثبات ذلك. لم يكن ضوء السَّلام الضَّئيل بينه وبين الذات كفيلٌ أن يضيءَ داخله دروبه المظلمة. ومع كل لحظة انطفاء تسقط نفسٌ وتَهوى أخرى.

لمْ يكن انشغاله بإصلاحِ الذات أنانية كما أطلقَ الحكمَ عليه الصديق المقرَّب. لقد كان مؤمنٌ بأنَّ إصلاح المجتمع يبدأ من الذات. وأنَّ بذورَ الصَّوابِ تربتها النَّفس الصالحة ونبتتها المجتمع بثمراتها الطيبة وأوراقها النضرة. فأيّ إصلاحٍ وأيَّة قِيَمٍ نبيلة ستنبت في تربةٍ مالحة؟.

أنتَ غريبٌ!

بهاتين الكلمتين صار ممَيَّزًا بين أقرانه. حينما ابتعد عن جمعهم ونأى بجانبه وانطوى قِيلَ له إنَّك لغريب. وحينَما رفض كونه فرد من قطيعٍ يسير بنهجية نحو الطريق المُمَهَّد بجبريته المفرطة قِيل له إنَّكَ لغريب. وكذلك حِينمَا فَهِمَ كنه الذات وانطوى واستلذَّ بأنسها ووحدتها قِيلَ له إنَّكَ لغريب. وحينما لم يَبح للمحبوبة بمكنون الحبِّ ورفضَ ألَّا يكون البوْح إلا فِعلًا نعتته كذلك بالغريب!.

لمْ يَنسَ دومًا لحظة الإنسلاخ عن المحيطين. حينما أدركَ أنه يذبل جرَّاء عواصفَ المجتمعيات. ينظر وتورق شجرته في عزلة وانطوائية، لم يسعدْ لحظة من وحدته تلكَ. فقد حاولَ مِرارًا أن يذوب بين طيَّات مجتمعه لكنه كان يطفو على سطحِ كل علاقة ويرفض الذَّوبانِ دونما سببٍ سوى راحته.

انفراده وذاته

كان انفراده والذات في معظمِ الأوقات حياة رَسمهَا بنفسِهِ لنفسِهِ. هو عالمه وكلِّ ما يشبع وحدته. كذلك هو مقربوه ومحبوه، جافيينه ومبغضوه، وايضا هو صَخبِ الجمعِ وهدْأةِ الصمتِ، نور أنسه وطلسِها، شمس ألفته وغيابها. هو كل ما يريد وكل ما يكره. وما إرادته إلا تقويمَ لما يكرهه.

الْغَرِيبُبقلم: محمد بن زيد
الْغَرِيبُ
بقلم: محمد بن زيد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى