مقالات متنوعة

قراءة نقدية في فن صياغة المقال (٦)

أشحذ فأسك بالتعلم المستمر

وقت النشر : 2023/03/30 10:14:51 PM

بقلم: مصطفى نصر

قال إبراهام لنكولن أول رئيس لأمريكا: إذا منحت ست ساعات لإعداد مقال، فاستثمر خمس ساعات منها لشحذ فأسك بالإطلاع الجيد على جوانب الموضوع المختلفة، ثم أشرع في كتابة المقال في الساعة المتبقية، بعد الإعداد الجيد له ووضع مخطط أولي له، فستكون الساعة كافية لإعداد المقال بعد ذلك.

والحقيقة أن شحذ الفأس يجب أن يكون أمراً مستمراً لدى الصحفي، بالاطلاع على كل جديد في مجال العمل الصحفي، ويجب أن تكون القراءة عادة يومية له يستقطع لها نصيبًا من الوقت للاطلاع، والمال لمتابعة الدورات التدريبية، كما أن في الشبكة العنكبوتية موارد تعليمية مجانية في المواقع العلمية المتخصصة التي تمدك بكل جديد، وقد يرد البعض بكثرة الأعمال والانشغال بالتزامات متعددة، ولكن هناك طرق “لحشر” القراءة بين الأعمال التي تقوم بها. إليك بعض الأمثلة التي يمكن أن تختار منها ما يناسب شخصيتك:
• إذا كنت قارئًا مبتدئ فقد يكون من المناسب أن تستخدم أسلوب “الخلطة”.
أسلوب الخلطة هو أن تخلط شيئًا تحب القيام به مع شيء مهم تريد أن تجعله كعادة مثل القراءة أو الرياضة.
إذا كنت مثلي من مدمني القهوة فيمكنك أن تجعل المقهى المفضل الذي تذهب إليه لتناول قهوتك هو مكان للقراءة بحيث تدمج متعة القهوة مع القراءة.
بمرور الوقت فإن عقلك الباطن سيربط القراءة بالقهوة، وبمرور الوقت ستصبح القراءة محببة لديك كما القهوة.

والصحفي لكي يتعلم مهارات كتابة المقال يحتاج لقراءة نماذج من المقالات من الكتاب البارعين في هذا المجال ليتعلم منهم تقنيات الكتابة، كما أن عليه بين الحين والآخر الاطلاع على مقالات أدبية جيدة السبك ليتعلم منها طريقة استخدام اللغة الأدبية بتراكيبها الجمالية، ولا مانع من أن تخصص وقتاً لقراءات في مقالات المنفلوطي ومصطفى الرافعي وجبران خليل جبران وميخائيل نعيمة وغيرهم، لأن من لا يتجدد يتبدد.

كما أن الصحفي يحتاج لثقافة متنوعة، فأخرج من مجال القراءة في مجالك بين الحين والآخر إلى قراءات متنوعة في القانون والعلوم السياسية والاجتماعية والنفسية، فستكون خير زاد لك وأنت تكتب مقالاً اجتماعياً أو فلسفياً أو فنياً، واستمع أيضًا للفضائيات الكبيرة وتعلم من طريقة عرضهم للمادة الإخبارية وفي كافة المجالات، ومن الضرورة بمكان أن تقوم بتخصيص مكان في البيت أو المكتب للقراءة بحيث تتوفر فيه إضاءة مناسبة، ويكون بعيدًا من المؤثرات والمشوشات مثل التلفاز والهاتف الذكي.

عليك بإيقاف التنبيهات في الهاتف والحاسوب حتى في حالة عدم القراءة، لأنها تعمل على تشتيت التركيز في أي عمل تقوم به.

من الأفضل أن تقرأ في نفس المكان ونفس الموعد حتى تصل لمرحلة العادة، وإذا رغبت في تغيير المكان كالقراءة في المقهى مثلا فمن الأفضل أن يكون ذلك في نفس الكتاب لكيلا ينفصل التأثير الذي تنوي تطويره.

القراءة بصوت عال وسيلة جيدة حيث تعتبر الأذن من أهم الأدوات في ضبط الكتابة، لأنها تتعرف على وقع الكلمات، وحتى لو لم تكن ملما بقواعد النحو فإن القراءة بصوت عالٍ قد تعينك على معرفة مكامن الخطأ النحوي، حيث تحس بخلل ما من وقع الكلمة على أذنك، لذلك عليك أن تقوم بقراءة النص بعد الإنتهاء من أعمال المراجعة لتتعرف على وقع هذه التعديلات التي قمت بها، وربما تدلك القراءة بصوت مرتفع على معرفة أنك قد تحتاج لعمل تعديلات إضافية حتى تستقيم أطراف المقال، لأن وقع الكلمات سيدلك على المواقع التي فيها نقص أو تكرار، ولذلك من المهم ألا تهمل هذه العملية، أنا عندما عملت بالتدريس كنت اطلب من طلابي قراءة القطعة التي يقومون بصياغتها بصوت عال في أثناء مراجعة القطعة، قبل أن يطلب منهم قراءتها أمام بقية الطلاب في الصف، وكنت أستطيع التمييز بين الطالب الذي قرأ النص لنفسه وبين من لم يقرأه لأن ذلك يظهر بجلاء من خلال إدراك الطالب للخلل في كتابته لأول مرة عندما يقرأ القطعة أمام زملائه.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى