مقالات متنوعة

طلعت عبدالرحيم

بناء الأوطان

وقت النشر : 2024/02/23 04:07:06 AM

تبنى الأوطان بميثاق حب بين أفراد الوطن، وتبدأ من الفرد الواحد الذي يجب أن يكون محبًا لوطنه وأسرته، عاشقًا لدينه، ملمًا بعشيرته ومطيعًا لرسوله.

فمن هذه الأشياء ينتج قلب عامر وضمير ثاقب ومخافة من الخالق، تلك الصفات الثلاث لو اجتمعت بأفراد مجتمع فهي كفيلة بأن توجد مجتمع وشعب محب لبلاده وأوطانه، ويسعى لنموه وارتقائه وازدهاره وتنمية موارده، ومن هنا يأتي حب العمل والإخلاص والتفاني والابتكار والتعالي فوق المهلكات كبيع الضمائر وقبول الرشاوي والتواكل على الغير، والأنا المهلكة والاستهتار بممتلكات الوطن التي هي في الأساس ممتلكات أفراد المجتمع.

وإذا ما خلص حب الوطن ووقر في وجدان المواطن وعقله وقلبه ليكون حائط صد لكل مدنس للوطن وطامع له وحاقد عليه، ويكون مدافع عن مقوماته بالمال والنفس وكل ما يملك المواطن الصالح.

بذلك، يكون حب الوطن والمواطن هو أساس بناء الأوطان، ويجب عدم المغالاة واحترام الأسعار والعدل في الميزان وتوخي الحلال والبعد عن الغش والاستغلال والاحتكار، ومن هنا إذا ما وجدنا مجتمع يخاف الله في كل شيء أحاط الله المجتمع بالبركة والستر، وهم أعلى درجات راحة المواطن، وبالتالي تسود الأوطان حياة سعيدة فلا يوجد حينها من يغش أو يتلاعب في الأسعار أو يخفي السلع للاحتكار، بل يكون الجميع رحماء وودودين، ومؤمنين بالله والوطن، مدافعين عن وطنهم بكل ما أوتوا من قوة.

لأجل هذا، وجب على الراعين للأوطان والقائمين على نهضته تخفيف القيود والأعباء على المواطنين وتيسير مهماتهم والتشجيع عليها وتحسين الخدمات والتحسس على أولوياتها، وتقريب مسافات الود والمشورة، وإشراك المواطنين في رسم مستقبل الأوطان الداعي للحكمة والرفعة والتقدم، وبذلك يكون الوطن بوتقة حب وإرادة ورحمة وعبادة فتكون الحياة أجمل وأسعد، بدلًا من أن تمر الأيام في قلق وخوف ومرض وجهل، ونعيش في وهم والجري وراء تسديد الالتزامات التي لا تنتهي، فينسى الفرد نفسه وتثقل مهامه حتى يضعف وينحرف وتكثر مشاكله ويصعب كبح عيوبه وذلك حينها لن يفلح بأي حال حيث أن الحاجة وليدة الاختراع، وتمضي الأيام والسنون والمرء في حلقة مفرغة من المآسي بدلًا من أن تكون أيام سعيدة وطمأنينة وعطاء وإخلاص، فطوبي لمواطن وراعٍ تملكت الحكمة والإيمان من قلوبهم، وباتوا يسهرون على بناء أوطانهم وإسعاد مواطنيهم وأنفسهم، فكلما نما وارتفع الوطن نما وارتفع المواطن والراعي وأصبحوا أصحاب كلمة ومكانة بين الأمم، فيهاب منهم العدو البعيد والقريب.

هذا هو شرع الله في خلق الإنسان أن يعمر الأرض ولا يخربها، وأن الله بصير بما يعملون، وهذه هي حكاية أبسط ما يكون لكيفية بناء الأوطان، فلكل دوره، والأدوار على حسب القدرات والثقافات لكي نسعد بما حبانا الله من نعم وإيمان ورحمة منه على مر الأزمان، وتعيش الأوطان عالية في الوجدان، وتنمو بسواعد مواطنيها، وتملأ أرضها زروع وبساتين فتكتفي من خير أراضيها ومصانعها وعلمائها، وتصبح أمة قوية تضاهي أقوى الأمم بل وتفوقها لأنها بنيت على الحب والإيمان بالله الواحد الأحد العزيز القدير.

زر الذهاب إلى الأعلى