أدبيمقالات متنوعة

“خيانة رصاصة” قصة قصيرة بقلم: فاطمة البسريني

وقت النشر : 2024/04/21 12:45:55 AM

“خيانة رصاصة” قصة قصيرة

بقلم: فاطمة البسريني

إنها مازالت تسمع صوت خطواته وهو يبتعد ، كان يفر من بين أصابعها كالماء، لم تقبض على يده حتى، تركته يذهب ومعه قلبها.

كانت تنظر إليه وهي واقفة على عتبة باب بيتهما، وخيبات كثيرة وكبيرة تستولي على كيانها وكأنها تسير في طريق لا نهاية له.

كانت تنظر إليه كما تنظر إلى الشمس.

وكانت تحس أن شمسًا أخرى تشرق داخلها، شعاع منير، إحساس عارم بالفخر من أجل الوطن، وفي نفسها ورأسها تدور ألف إشارة استفهام.

كيف تمكنت ألا تجري خلفه وهو يبتعد دون أن يلتفت وراءه؟؟

تنهدت وهي تعود إلى الداخل وكأنها تحمل على كتفيها هموم آلاف السنين، لكنها لم تكن تحس بأي ألم، فهي لا تعرف إن كانت ستراه مرة أخرى، أو سيمر طيفه في ذاكرتها بعد.

كل شيء توقف، حتى أنفاسها كانت تتوالى متثاقلة،

قالت بينها وبين نفسها (جسدينا نحن الاثنين يمكن أن يموتا، إنني قمت بجنازتيهما مسبقًا، والآن فليخفت صوتك في صدري ولتختفي كما تختفي دمعة في العين).

هناك على الجبهة، خرج الجندي من جوف خندقه الذي حفره بيديه

صعقته رياح الصحراء الباردة، أعمت عينيه حبات الرمال، صاح بدجاجاته أن تدخل حفرة جانبية صنعها لها بجواره في الخندق حتى لا تأخذها عاصفة الصحراء الهوجاء والرمال الكثيفة المتناثرة .

هبت رياح كادت تجمد أطرافه، وهبت معها رياح الخيانة، سمع أزيز رصاصة الغدر، بحث عنها بنظراته، لكنها كانت تعرف طريقها، استقرت بين عينيه وهو يردد متحديًا: (من أجلك يا وطني).

كفنته الرمال، ولم يعرف مصيره، سموه الجندي المجهول.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى