أخبار مصرمقالات متنوعة

إنسانية الإنسان

وقت النشر : 2024/08/30 04:40:40 PM

إنسانية الإنسان

كتب: طلعت عبد الرحيم

منذ أن خلق الله الإنسان وهو يبحث عن الإنسانية فبحث عنها في الجمال ولم يصل إليها حيث الأنانية وحب النفس والغيرة جعلت منه الجاني ولم يحقق الإنسانية.

بحث عنها في العمل، صار يستعبد البشر ويسخرهم لأغراضه وقد يتعالى عليهم ويهدر حقوقهم ولم يحقق الإنسانية.

بحث عنها في المال صار عبدًا للمال وجمعه وتكنيزه بأي وسيلة دون مراعاه أي متطلبات تحقق الإنسانية.

بحث عنها في العلم والابتكار فصار يدمر نفسه بعلومه ويسخرها لبشاعة القتل وأكثر تدميرًا ولم يحقق الإنسانية.

بحث عنها في القوة فصار يمتلك ما يمكن أن يدمر العالم في لحظات ويكتنز المدمرات ولا يحقق لنفسه الإنسانية.

هكذا الإنسان بكل مرحلة وتطور اكتشافاته لابد أن تتغلب عليه نفسه الأمارة بالسوء ويسخر انجازاته للضرر والقتل والدمار ويظن أنه يرسي ويزرع الإنسانية لكن تجد أنه يتباعد عنها بمسافات تزداد بازدياد تملكه للقوة.

فالانسانية خُلق وأخلاق يتحلى بها بعض البشر الذين أنعم الله عليهم وخصهم بتلك الصفات.

الإنسانية تواضع وحب الغير.

الإنسانية رأفة ورحمة للغير.

الإنسانية حب والتزام للغير.

الإنسانية عدل وأمن للغير.

الإنسانية تكاتف لفعل الخير.

الإنسانية تعاون للبناء وراحة الإنسان وليس للهدم والدمار.

كل مايفعله الإنسان من سباق تسلح أو احتلال للبلاد أو تجويع واحتكار، استنزاف الموارد والطاقات أو حب السيطرة والانشقاقات لا يجعله يقترب من الإنسانية.

والعجيب أن الإنسانية لفظة مشتقة من الإنسان فلماذا يضيعها دومًا ولا يتمكن من أن يكون فيها ليعيش إنسان الإنسانية.

لابد أن هناك فارق قد يكون بُعد الإنسان عن ربه ومحاولة الهروب دومًا وعدم الطاعة واللجوء لله أو حتى تطبيق أحكامه المنزلة لضبط حياته  ولكي يعيش  في رحب الإنسانية ولكن تمرده الدائم حيث لا يحب أن يكون ساكنًا، فهو دائمًا في سعي وبحث عن الذات.

فمنذ أن يعي وهو يحلم بأن يكون إنسانًا، ويسلك كل السبل لتوصله للإنسانية وللأسف مازال إنسانًا بلا إنسانية، ولن يتمكن من نيل الإنسانية إلا إذا خاف الله وأطاعه وسار على هداه وهدي الأنبياء.

وهل يجد الإنسان ذاته وحياته مع إنسانيته

رغم تطور الأحداث وتسارعها في زمن التكنولوجيا والاختراعات المبهرة التي أصبح الإنسان يهرول ورائها، وذلك من أجل اكتساب قوة أكبر، لكي يكون سعيدًا، على عكس ما يحدث الآن في هذا العالم، الكل يجري وراء القوة كي يشعر بالسعادة، لكنه يعيش بين جدران العالم الأربع، بواجهة تسمى السلام ولكنه السلام الوهمي.

  مثلًا هل قوة إنسان تعني تدمير إنسان آخر؟

لمَّ كل هذا الدمار الذي يساهم فيه الإنسان في سبيل قوة واهمة؟ أليس غريبًا أن يسمى ابن آدم إنسانًا ولا إنسانية فيه؟

أليس غريبًا أننا ما زلنا نبحث عن الإنسانية ونحن الإنسان؟

في سبيل الاستمرارية بهذا العالم نسينا أننا إنسان يحكمنا الحب قبل القوة، تجمعنا المودة، لنضمن استمرار التعايش بالتسامح.

 نحن الآن نعيش بعالم نتحدث فيه عن العنصرية حين نَصِف الإنسان الأسمر ولا نتحدث عنها عندما نصف الأشقر، نتحدث باسم الحرية عندما يتعلق الأمر بسجن الإنسان ولا نحتج على سجن الإنسانية وتقييدها بأغلال القوة المدمرة والحقد والكراهية المنتشرة ثم نقول أين الحرية؟

إن الحرية عنوان الإنسانية فكيف لنا أن نكون إنسانًا حرًا من دون إنسانية لربما نحن الآن بعالم أصبحنا فيه أقوياء لكننا لسنا أحرارًا!

عالم نتبجح فيه بزمن الاختراعات والتطورات والتقدم ونتحدث عن الرقي والحضارة، في حين أننا لا نرى سوى تخريب أكثر من طرف الإنسان للإنسان نفسه، نتدخل بالأسلحة لنشر السلام فيه، ولا نتخذ السلام مبدئًا ونقضي على الأسلحة المدمرة.

لقد تغلبت إنسانيتي على الضعف مرارًا من دون أن تستحوذ عليها هواجس القوة، ازداد يقيني أكثر أن هذا العالم يحكمه قانون الغاب، القوي يحكم والضعيف يسعى للعيش أكثر، والبقية تتناسل من أجل التكاثر.

زر الذهاب إلى الأعلى