أدبي

مشاهد حياة

وقت النشر : 2021/12/11 09:17:03 AM

مشاهد حياة

بقلم: د. رانيا عرفه

مشهد  ١

صباحي معه

في كل صباح أتلو أذكاري

أدس بعض أمنياتي بين دعواتي

كل يوم هكذا، مزيد من الأمنيات

مزيد من الدعوات

أواصل ليلي نهاري راكلة كل الخيبات

على يقين أنني على موعد بتحقيق اليسر، وإن طال العسر

ويأتي صباحي فأراه أمامي

نجلس معا

تفوح من حولنا

رائحة القهوة

يتعطر الجو بعبق اللهفة

يتناثر من حولنا طيب الاشتياق

أجلس بجواره

نتناول سويا حكاياتنا المتأخرة على طبق من بهجة

نرتشف معا ذكرياتنا الماضية من ثغر فنجان يملؤه مودة ورحمة

نتشارك تفاصيلنا

نصنع من اختلافاتنا جسرا نعبر به معا إلى طريق الأمان

نبني من آمالنا وطموحاتنا سياجا يحمينا من غدر الأزمان

نسقط كل همومنا ونزيح كل أحمالنا، ونكشف كل عيوبنا بلا حرج، بلا قلق من سوء فهم أو توقع خذلان

نسعى لإصلاح هفواتنا وتقبل أخطائنا بكل سعة صدر، بكل حنان

هكذا كان صباحي معه، هكذا كان..

=======

مشهد ٢

بعد يوم طويل

بعد عناء ليس بالقليل

يهربان معا إلى ركن خاص

يتكلمان حينا وينصتان أحايين

أصبحا يشبهان بعضهما البعض، حتى في الكلمات والعبارات

يستخدم مفرادتها وتحاكي عباراته

يخبرها قصيدته المفضلة، فتشير إلى مواطن الجمال، وتحللها وتحاول مجاراته

تخبره آخر رواية قرأتها، وكيف تخيلته الفارس، وكيف كانت هي فتاة خيالاته

عانقا الحب ولامساه كأنه مخلوق يعلمهما كيف الحب، وكيف هي موجباته!

يهديها السعادة وتهديه الود، فهو الحب في أعظم حالاته

تنظر إليه بحب، بشغف، كأنها لم تره منذ عقود

تستنشق أنفاسه الممزوجة برائحة العشق

تتفقد ملامحه، ملابسه، تفاصيله

وينظر إليها كأعظم انتصاراته

ينشد في جمالها قصائد عشق، ويرتل على مسامعها

تراتيل الهوى وترنيماته

‏حرف منها و حرف منه

كلمة منها وكلمات منه

يكفكف دمعها وتقتلع من صدره آهاته

أشواق، ابتهالات، ترانيم، وألحان، وبخور

يكحلان الليلة بهمسهما

يناجيان القمر والكواكب والنجوم

حتى يزور النوم مقلتيهما، فيخلدان الى حيث لقاء آخر يرويان به ظمأ القلب، ويسدان به جوع الروح

هكذا كان اللقاء على أضواء الشموع..

=======

مشهد  ٣

ما زال يخبرها

أن كل ما يود رؤيته

ضحكتها ” أيوه ضحكتها “

ما زال يخبرها

أن كل الامور الطيبة هي

كل جميل بالدنيا هي

حديثها عذب

صمتها حب

نظرتها سحر

كل ضمة بين ذراعيها طهر

كل ظلام بنور عينيها فجر

كل وجع برقيتها زائل

كل جمال أمام حسنها باهت، فاتر

كل تفاصيلها جميلة

وكل تفصيلة فيها قصيدة

يغار عليها من ملابسها

وهواء بارد يلامس خدها

من مقعد ووسادة تلامس جسدها

يغار من فنجان قهوتها أن فاز بثغرها

ما زال يخبرها كلمات ليست كالكلمات

ما زال يخبرها أنها الاستثناء

أنها الاكتفاء

وهي ‏ما زالت تعد على أصابعها لقيمات حرف يقمن صلبها

فثلث من حرفه، وثلث من عطره، وثلث من قربه

لقيمات حرف يذبن لوعة وحنينا حال بعده

لقيمات حرف كحبات عقد يُزَيّنّ جيدها من فرط عشقه..

=======

مشهد  ٤

أُنس، مودة، ورحمة، وسكن

نجلس معا تحت ضوء القمر

بجوار نافذة أحلامنا

تطل مباشرة على حديقة

ظلالها وارفة، قطوفها دانية، تحتها أنهار جارية

ستائر بيضاء شفافة تقشعر لنسمة حب حانية

لا تحجب نورا، ولا دفئا، ولا عبقا من روائح الأزمان الماضية

أبدأ حواري؛ كيف حالك؟

يعلم أني لا أنتظر كلمة ” أنا بخير”

بل أنتظر أن يخبرني كيف كان صباحه؟ كيف بدأ عمله؟

مع من جلس، ومن استشار؟

مع من تحاور ذاك النهار؟

هل أعجبه الفطور الذي أعددت؟

هل استمع لأغنيتنا كما تعود وعهدت؟

هل ما شعرت به اليوم من صداع، هل هو ألمي، أم تألم هو فأحسست؟

يعلم أني أريده أن يخبرني عني أنا، فهو أعلم مني بما فعلت

فيخبرني ويحكي وأستمع وكأني كنت معه طوال ذاك الوقت

ثم تسود لحظات من الصمت

ثم يبادر؛ كيف حالك أنت؟

حين يقولها أفهم منها أن اشتقت

فأرد: كيف حالك جدا جدا جدا أنت؟

فكل حديثنا على محمل الحب والشوق

فسلام ورحمة وحب علينا وحوالينا

أحببت، فأمنت، فآمنت، واستسلمت

وأسلم هو لي قلبه طواعية، فاطمأننت..

=======

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى