أدبي

مرثية مالك

وقت النشر : 2021/12/13 09:17:40 AM

مرثية مالك

 

أبي

بقلم: د. سعيدة والي

ذات صلة

 

مَشاعِرُنا صارتْ هباءً تَطَايَرُ

وهذا الحِجى مما اعترى القلب عاثرُ

 

فما بالُ أوقاتي الجميلةِ أدبَرَتْ

وقد حَلَّ بعدَ الرَّغْدِ هَمٌّ يُكَابِرُ

 

فآهٍ لِذكرى راحلٍ عنهُ لمْ تَزَلْ

تَعيثُ بقلبي لوعةً إذْ تُساوِرُ

 

أُعَلِّلُها نفسي بِذِكْراهُ كُلَّما

غَفَا مِنْ أسى الأحزانِ فِكْرٌ وَخاطِرُ

 

وأَلْعَقُ مُرَّ الصَّبْرِ عَلِّي بِذِكْرِهِ

أُدَاوي جِرَاحًا فوقَ ضِلْعي تَناثَرُ

 

وأَكْتُمُ رَغْمَ الجُرْحِ دَمْعًا مُكابِرًا

وَلَكِنَّهُ بالوَجْدِ بَوْحًا يُجَاهِرُ

 

لقد راوَدُوني عن سكوني وبعدَما

تَعَلَّقَهُم قلبي تَناءَوْا وسافَروا

 

فَلَا القُرْبُ أضحى لِلمُحِبِّينَ مُمكِنًا

ولا النَّوْمُ حينَ الشَّوْقِ للعَيْنِ زائِرُ

 

وهيهاتَ لي لُقْيا حَبِيبٍ مُفارِقٍ

تَناءى بعيدًا قدْ أَوَتْهُ المَقابِرُ

 

تَأَوَّهَتِ الأَرْواحُ حُزْنًا لِفَقْدِهِ

وَجَادَتْ قَريحًا إذْ بَكَتْهُ الحَناجِرُ

 

بَكَتْهُ عيونٌ طَالَمَا كانَ نُورَها

وَسَالَتْ قَصيدًا إذْ رَثَتْهُ المَحابِرُ

 

لقد كانَ عِيدًا يا أبي يَوْم أَسْلَمَتْ

لِبارِئِها روحٌ وذَا الكَفُّ طَاهِرُ

 

بلى إنَّما عِيدَانِ أَضْحَى وَجُمْعَةٌ

فَيَا لَكَ بِالْحُسْنَى زَكِيًّا تُفَاخِرُ

 

فَرُبَّ ارتِقَاءٍ فيهِ طارَتْ وحَلَّقَتْ

بِروحك روحٌ رافَقَتْها البَشائِرُ

 

فأيَّتُها الأرماسُ مَهْلًا تَرَفَّقِي

بقلبٍ حبيبٍ بَعْدَهُ القلبُ حائِرُ

 

فلا صَبْرَ لي مِنْ بَعْدُ إلَّا لأَنَّني

تَمَثَّلتُهُ جَنْبَ النَّبِيِّ يُجَاوِرُ

 

ولا ليس لي مِنْ سَلوَةٍ في عَزَائِهِ

سِوى أنَّهُ ضَيْفُ الذي هو غافِرُ

 

فيا رَبِّ أَكْرِمْ لِلْحَبِيبِ مَنَازِلًا

وأَسْكِنْهُ جَنَّاتِ العُلا أنتَ قادِرُ

 

وَأَلْهِمْ فُؤادي الصَّبرَ حينَ اشتِياقِهِ

وَهَوِّنْ مُصابِي في الحَشَا فَهْوَ قاهِرُ

 

وَطِبْتَ حَبِيبَ الرُّوحِ حَيًّا وَمَيِّتًا

وَخُلِّدْتَ في الأحياءِ والذِّكْرُ عَاطِرُ

 

دُعَائي شموعٌ نَوَّرَتْ قبرَكَ الذي

تَضَوَّعَ طِيبًا دُونَهُ الرَّوْضُ زاهِرُ

 

مَآثِرُكَ الحُسْنى ستبقى شواهِدًا

وفي ذِكْرِكَ الزَّاكِي سَتَشْدُو المَنابِرُ

 

بَنو الرَّيْبِ إذْ يَرْثونَ، يَرْثُونَ مَالِكًا*

و”مالك” إذ أرثيه، روحٌ تهاجرُ

 

أم معاذ ومعالي

11ديسمبر 2021

 

* مالك بن الرَّيْب التميمي؛ فارسٌ رَثى نفسه حين أيقن بحلول أجله بلسعة أفعى، في طريق عودته من الغزو إلى الديار، بقصيدة بديعة معروفة سميت ” مرثية مالك بن الرَّيْب”

وأبي اسمه ” مالك”

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى