أدبي

الشراهة

وقت النشر : 2022/01/20 04:53:00 AM

الشراهة

قصة قصيرة

بقلم: إبراهيم بن عمر

 

ذات صلة

صوتُ عويلٍ ملأ سماء الحي وكأن زبانية جهنم نزلوا إلى الأرض بمهمة مستعجلة، هرع أحد الجيران إلى هاتفه ليخبر الشرطة أن أمرًا جللًا يحدث في المنزل رقم ثمانية.

بسرعة البرق أتت قوة كبيرة من رجال الأمن، كان الحي هادئًا وكأنه هُجر منذ زمن،

عاجل الضابط الباب بضربة واحدة فَفُتح على مصراعيه،

دخل بحذرٍ شديد وهو يتحسس الجدار إلى أن وصل إلى باب يشع من خلفه نور ساطع، استرق السمع لعل صوتا يرشده عما خلف الباب، لم يسمع سوى صوت قطرات تسقط إلى الأرض بوتيرة منتظمة، فتح الباب ليصدم بما رأى، جثة رجل بدين مقيدة إلى كرسي أمام طاولة وسط الغرفة، ولسان تلك الجثة مقتلع وموضوع أمامها وسط الطاولة.

تفصح الغرفة لعله يجد ما يدُله على القاتل، لم يجد سوى كلمة نقشت بدم الضحية على الجدار “الشراهة”.

صاح الضابط: أحضروا فريق الأدلة الجنائية، استدعوا الطييب الشرعي.

عاد الضابط إلى قسم الشرطة وصورة اللسان المقتلع لا تفارق عقله، راح يذرع المكتب ذهابًا وإيابًا وكأنه يمشي على صفيح ساخن لا يقوى على الوقف عليه، بينما هو على حالته تلك طُرق الباب، جلس خلف مكتبه وأذِنَ للطارق بالدخول، كان الطبيب الشرعي من يطرق الباب.

الطبيب: حضرة الضابط، هذا تقرير مفصل لسبب الوفاة

الضابط جهاد: أخبرني ما هو

الطبيب: إن سبب الوفاة هو فقدان كمية كبيرة من الدم

جهاد: تقصد أنه خسر تلك الكمية بعد اقتلاع لسانه؟

الطبيب: أجل، أجريت تحليلًا لدم الضحية تبين من خلاله أنه لم يُعط أي دواء مخدر

جهاد: أتقصد أن لسانه أُقُتلع بدون تخدير؟

الطبيب: أجل

جهاد بعد أن ضرب الطاولة بقبضة يده: نحن أمام أي نوعٍ من المجرمين؟

جهاد: أشكر جهودك أيها الطبيب، يمكنك الانصراف

جهاد: الآن علمت سبب هلع المتصل وكلامه غير المفهوم عن العويل والجحيم، تُرى ما سبب تلك الوحشية في قتله؟

كان بإمكانه أن يُنفِذ دون ضوضاء.

بينما يحاول فك شيفرات الجريمة.

أتى المساعد ليخبره بنتيجة المعمل الجنائي

أدهم: سيدي، لا يوجد أي دليل على القاتل

جهاد منفعلًا: ماذا تقول؟ كيف يمكنه ألايترك دليلًا واحدًا؟ أم أنه ارتكب جريمة كاملة دون أي خطاء؟!

أدهم: يبدو أن القاتل ذكي جدًا؛ فلم يكتب دون قفاز، ولم يدع أي قطرة عرق تسقط منه ولا حتى بصمة حذائه

جهاد: يمكنك الانصراف.

أمسك جهاد رأسه وراح يردد بصوتٍ مسموع:

الشراهة، الشراهة، الشراهة، ماذا يقصد بتلك الكلمة؟! أجزم على أنها إشارة لشيء ما، لقد تركها القاتل رسالة لنا يود من خلالِها أن يخبرنا بشيء، عليّ أن أبحث عن حل لغزه.

فتح حاسبه وكتب “الشراهة” على محرك البحث لتظهر أمامه نافذة كتب فيها “الخطايا السبع القاتلة” ضغط على العنوان وبدأ يقرأ وأعصابه مشدودة كمن يقرأ مستقبله

الطمع

الشراهة

الغضب

الحسد

الكسل

الفخر

الرغبة

ما هذه الخطايا، أيعقل أن معتوهًا تبنَّى تحقيق العدالة عبر تلك الخطايا!

جزم جهاد أن تلك الكلمة رأس الخيط الذي سيوصله إلى القاتل، على الفور أعطى تعليماته لفرقة التحري: أريد كلَ المعلومات التي تخص الضحية، لا تتهاونوا بأي تفصيل مهما كان صغيرًا.

أطرق يفكر، أي مقامرة أقحمت نفسي بها؟

أيعقل أن تكون هناك ست جرائم أخرى؟

يا إلهي، نوِّر لي بصيرتي،

ألهمني، ماذا عليَّ أن أفعل.

وبينما هو يحدث نفسه

أتى مسؤول فرقة التحري ليخبره بما وصلوا إليه

وائل: سيدي، اسم الضحية مروان، يعمل مقدم لأحد البرامج على منصة “يوتيوب” ليس له أي خلاف مع ..

قاطعه جهاد: وما طبيعة برنامجه؟

وائل: يخوض تحديات بأكل كميات كبيرة من الطعام

جهاد: حسنًا، حصلت على ما أريد، انصرف

فتح جهاد حاسبه على تطبيق يوتيوب وبحث عن برنامج مروان، وأخذ يتابع تعليقات الجمهور إلى أن وصل إلى تعليق من شخص أطلق على نفسه اسم “منفذ عدالة الرب”

كان نص تعليقه(لا تكن شرِهًا فينْقم عليك الرب، ويرسل زبانيتهُ لينفذ عدالته)

يا إلهي! صاح جهاد،

حاول الاتصال بصاحب الحساب، لكن أي استجابة لم تأت، عندها أطرق يفكر

أي خطيئة ستكون القادمة.

 

قطع صوت الهاتف تفكير جهاد

جهاد: الضابط جهاد معك، تفضل.

المتصل: أسرعوا، إنه يقتلها، هي تصرخ.

خرج جهاد مسرعًا إلى موقع الحدث، كان أحد صالونات التجميل التي تمتلكه ملكة جمال سابقة، أبعد الحشود عن باب المبنى ودخل مسرعًا ممنيًا نفسه بالقبض على القاتل، كاد أن يغمى عليه من هولِ ما رأى..

يُتبع

زر الذهاب إلى الأعلى