أدبي

عمق

عمق

وقت النشر : 2022/03/11 06:49:37 AM

عمق

بقلم: بانسيه محمد فضل

ماذا عنه؟!

يا ليتني أستطيع أن أصفه لكم!

لكن كل ما يمكنني قوله إنه لص محترف؛ سرق قلبي قبل عقلي، استطاع في لحظات معدودة أن يحتل قلبي بحنانه وجمال قلبه، كما استحوذ على عقلي بنضج كلماته وعقله المستنير.

أصبح ملازمني كظلي يومي بأكمله؛ فالنهار ينقضي بأحاديثه العذبة وقصص مغامراته الممتعة، أما الليل، فلا تخلو منه أحلامي؛ فتارة أراه فارسا مغوارا على حصانه الأصيل الأسود كالأبنوس، يدافع عني ويحارب لأجلي أشجع الفرسان، يخطفني على حصانه لعالم أروع من الخيال، وتارة أخرى أحلم به أميري الوسيم يرتدي أجمل الثياب، يتسلق أسوار قلعتي العالية ليحظى بي أميرة على عرش قلبه، فيأخذني لقصره الكبير بحدائقه الغناء، نتجول بين أشجارها، ونشم عبير زهورها لتنسينا الزمان وما كان.

أشعر أنه كأبي في حنانه الفياض، فأحبو كطفلة في رحابه، أرتمي بحضنه الدافيء لألوذ بأمانه فتزول عني مخاوف الدنيا وقلقها.

بل هو صديقي الوفي الذي ائتمنته على أسراري دون خوف أو خجل، يسديني نصائحه الحكيمة دون تبرم أو ملل من جانبه.

لا، إنه طفلي المدلل، أستمتع بتدليله وتلبية طلباته بمحبة ويسر، أهتم لأمره، أخاف عليه من أن تشوبه شائبة حزن أو يصيبه مكروه، وأسعى جاهدة لإرضائه بشتى الطرق.

تمر الأيام معه كنسمة ربيع عابرة لا نشعر بها لخفة روحها وجمال شذاها، أراني معه على شاطىء البحر، نحتسي قهوتنا المفضلة، ونرمي همومنا بين أمواج البحر لتأخذها بزورق النسيان، نغوص بأحلامنا لننقب عن لآلىء السعادة الأبدية، نسير على رمال ناعمة متشابكي الأيدي، يداعبنا النسيم، وتغازلنا الأمواج فنجري ونمرح كأطفال صغار، لا نحمل للدنيا همًّا، نصنع بأيدينا قلاعًا رملية كأنها حصون حقيقية تدفع عنا كل بلاء، ونرسم على الرمال قلوبنا، لكنها لا تصمد أمام أمواج البحر العالية.

إنه حبيب طالما تمنيته بأحلامي الوردية، أرتشف معه كؤوس الهوى لتسكرنا، فلا نفيق إلا بنار الغيرة حين يقترب أحد من قصرنا الجميل، فنتركه لحديقة العاشقين لنسير بدروبها، نستنشق رحيق الغرام الأبدي من أرقى زهور المشاعر والإحساس.

عنه تحدثت في سطور، لكن قصتنا لا تكفيها كلمات ولا حروف.

تمت المراجعة والتنسيق من قبل فريق ريمونارف الأدبية..

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى