أدبي

قطار الحياة

وقت النشر : 2022/07/15 05:53:14 AM

قطار الحياة

بقلم: بشرى محمد

وستبقى رحلة القطار المهاجر أشد قسوة علينا. وسنظل نرافقهم إلى آخر محطة تجمعنا، ونودعهم بشكل مؤلم، بشعور يترسخ بداخل قلوبنا بالموت، بالضعف، بالوحدة. ستنزف الدمعات كقطرات الدماء من أعمق الشرايين إلى أن تتصفى الدماء على قضبان القطار الذي يأخذ منا أكثر مما يعطينا. يأخذ كل حبيب إلى أبعد الأماكن، يأخذ كل أخ، أخت، صديق، صديقة، ابن، حبيب؛ فهو طريق السفر الذي يفارق قلوبنا قبل أجسادنا.

ذبحنا ذاك الطريق على مقصلة الفراق. طعن قلوبنا ذلك القطار المبتعد وكأنه يمر على تلك الشرايين القلبية ويجعلها طريقا للذهاب بلا عودة. فالجميع مفارق، ونبقى نحن، ونظل ننتظر وننتظر لعله يأخذنا نحن أيضا إلى أماكن الاغتراب، تلك التي تأخذ أحبابنا.

تُرى يا قطار الحياة، هل ستتذكرنا؟. هل ستترك لنا تلك الرحلة المهاجرة التي تقسو علينا بشدتها؟! هل ستترك لنا آخر مكان فارغ بتلك الرحلة، هل سنظل نتحمل الفراق إلى أن ينتهي من حولنا؟!.

سنظل نزفهم إليك بدمعات عيوننا المختلطة بالدماء لنودع كل عزيز على القلب والروح، يا قضبان السكك الحديدية أرجوك. لا تجعلي القطار يمر إلا بأن يأتي بالأحباب، لا أن يأخذ المتبقي منهم!. فلم تعد بالعيون دموع تنزف، ولم تعد وجنتاى تتحمل سيلانها، ولم يبقَ بالقلب مكان لا يؤلم، فقد أصبحت تلك الرحلات موجعة للروح، وشاقة جدا على أن تمر بالحياة وكأن لم يكن أحد هنا. فقد أخذ قطار الهجرة كل ما يبعث بالحياة، وأصبح قطار الألم والدموع والشهقات العالية فهو يأخذ منا أكثر مما يأتي به إلينا.

ترى، هل سنظل نتفقد محطة القطار يوميا ولا أحد يقدم، فالجميع يغادر.. يغادر فقط ولا أحد يأتي.

زر الذهاب إلى الأعلى