مقالات متنوعة

“حتى لا ننسى الصدق”

وقت النشر : 2022/08/25 05:57:19 PM

“حتى لا ننسى الصدق”

بقلم: مصطفى نصر

سألني بعض طلابي ماهو الحل لحالة التجمل والكذب وادعاء الثقافة والتدين والتقوى، ونحن نكتب عشرات التغريدات في مواقع التواصل الاجتماعي كل يوم، وهل ستأتي لحظة من اللحظات ونصبح أناس بوجهين، نقول كلاما مثاليا في تغريداتنا العلنية، وكلاما صادقا وموضوعياً وواقعيا كلما خلونا من الرقيب؟

قلت لهم إن كتاباً فريداً من نوعه في هذا الصدد قد صدر فعلا عن دار TP للنشر الأمريكية، يحدثنا عن أننا كلما غردنا في تويتر أو فيس بوك أو واتساب أو انستغرام أو لينكد إن ، نتجمل ونحرص على أن نظهر لمن يقرأون تغريدتنا كأشخاص مثاليين ونموذجيين ومهذبين وأتقياء أكثر من اللازم، وحتى لا تضيع منا لحظة الحقيقة، والصدق مع النفس، مع تكرار مثل هذه التغريدات المصطنعة عشرات المرات في اليوم، قدمت لنا دار النشر المذكورة أعلاه كتاباً فريداً لنكتبه وحدنا فقط في سرية تامة بكامل الصدق مع النفس، ثم نحرقه ونشتري الجزء الثاني.

يحتوي كل جزء من أجزاء الكتاب العشرة على متوسط مابين ١٤٧ إلى ١٥٥ صفحة من القطع المتوسط ٨٠٪؜ منها أوراق بيضاء للإجابة على حوالي مائة سؤال في كل جزء، كل المطلوب منك هو الإجابة بصدق كبير مع النفس وبلا رقيب ولا متابع لما تقول في كل إجابة، وعليك أن تتأكد من حقيقة واحدة هي أن هذا الكتاب لن يقرأه كائن من كان بعدك، لأن الكتاب سيتم حرقه فورا بعد الفراغ منه.

الأسئلة في الكتاب موزعة بصورة علمية وليست أسئلة عشوائية، ما بين المهارات والعقائد والوجدانيات والمعارف والهوايات.. ومطلوب منك أن تتجنب أي تزوير وأنت تعبر عن ذاتك، وألا تنسى أنه ليس هناك قاريء لما تكتب لتتجمل له، أو لتظهر له أنك أفضل شخص ولا الأكثر ورعاً وتقوى فأنت في حالة اللارقيب.

بدأت في إجابة بعض الأسئلة في وضع اللارقيب فوجدت صدقا وإجابات جيدة، لكني مهما تدفع لي من المال لن أنقل هذه التغريدات أبداً للعلن ليقرأها الناس، لأنها تظهر بعض نقاط ضعفي في جوانب مختلفة مثل الأنانية وحب الذات، قلة المعرفة، وضعف الإيمان والوازع الديني، لكن الأمر الجديد هو أني بدأتُ أتعرَّف على نفسي بصورة أوثق، وبدأت أتقبل النقد الذي يظهر لي من إجاباتي.

أشار المؤلفون إلى أن تكرار هذا السلوك عشر مرات مع التسعة أجزاء الأخرى كفيل بإعادة توازن الإنسان، وعودة صدقه مع نفسه مرة أخرى، رغم عشرات التغريدات في اليوم التي يكذب فيها الإنسان على نفسه وعلى الآخرين.

قلت لنفسي لماذا هي عشرة أجزاء للقيام بنفس هذا الشيء مرات كثيرة، توصلت بسوء الظن ونظرية المؤامرة إلى أن هذا ماهو إلا خدعة تجارية لتوزيع المزيد من الكتب، لكن بعد أن أكملت الجزء الثاني لاحظت أنني بدأت أتصالح أكثر مع نفسي بكل مافيها من قصور، إلى أن أصبحت منذ الجزء الخامس فصاعدا متصالحًا مع كتابة نفسي على حقيقتها فكان الشفاء التام في تغريداتي التالية، حيث أصبحت أقرب إلى الواقع في تغريداتي أتجمل بقدر أقل منذ ذي قبل للقدر اللازم حفظا للبرستيج، وليس من أجل التباهي كذبا ببطولات زائفة.
جربوا هذا الكتاب (هل ستكون صادقا عندما لا يراقبك أحد) فإنه فتح جديد في التأليف النفسي دون أن يحدثك أحد عن علم النفس.

زر الذهاب إلى الأعلى