أدبي

صوفيا

الجزء الخامس

وقت النشر : 2022/11/25 04:00:09 PM

صوفيا

الجزء الخامس

بقلم: مونيا بنيو

أجل، أرادت كل ما يحرك قلبها، لم تكن تريد حبًا عاديًا، ولا ذكرًا معلّبًا بقشور الواقع المزيف. بل أرادت رجلًا يزلزل وجدانها، ويقتلع الخوف من أغوار روحها.
استغرب والدها من تغيرها. ومن بريق عينها، ومن تحولها المفاجئ، ومن حماسها، وطريقة تقديمها للقهوة، وابتسامتها. أجل، لقد تمكن من تقشير جلدها، ونزع الخوف من قلبها.

يبدو ذلك الحلم الكبير الذي كان مدفونًا بأعماق روحها، كان هدوؤه ورزانته ووقاره كمسكن وفرح لروحها. كانت تستمع لحواره الشيق عن أحوال العالم المزرية، عن الطفيليين المنتشرين، وعن أشباه الرجال. وأشباه البشر. كانت تغوص بكل كيانها في تفاصيل الواقع وما يحدث، عن التصنع، عن النفاق، وعن التردي. كانت كفراشة توزع الحلوى وهي تختال في مشيتها، وهذا ما زاد من ذهوله من بريقها الذي زاد المجلس ضياءً.

الإبتسامة تزغرد

وفيك انتهى الحوار، كانت الابتسامة تزغرد مع زغرودة والدتها، وبكل حب ألبسها خاتمها. غاص كلاهما في عمق عيون الآخر حتى تعانق قلباهما على زغرودة فرح وجرعة حب وسكينة أراحت روحيهما، فامتزج الخجل بالسعادة وكانا سيديّ الموقف. لكنها كانت أجمل لحظات حياتها.

وفور وصوله اتصل بها، فكان الضحك يغلب الحديث. أجل، لقد كنت أفلطوني في مواقفك، في زلزلتك روحي.
– يا فريد أيامك، من أي مجرة، أو من أي زمن ركنك الوجد لتقتلع غروري وتغزو قصوري؟
ضحك وأجابها:
– لأنك الوحيدة التي أزهرت في صحراء روحي، وقتلت ذاك الترفع الذي تخطى حدود المعقول يا قاتلة نفوري. أجل، منذ أن لمحتك وأنت تسكنين ضلوعي ونبضي. أصبحت أيقونة خضوعي، ومنذ أن هجمتِ بكل شراستك على قلبي وأنا أتحدى العالم دون عودة، وما إن كنت لي صرت عنتر زماني.

المغوار

لقد امتلك روحها، واستوطن بشهامته وفروسيته قلبها، منذ أن سكنت لهذا المغوار وهي تزداد هدوءًا، وتركز أكثر في هدفها. لم يكن من المتهورين العابثين، بل كان دافعًا في وصولها لأعلى المراتب بدعمه ووقوفه كما حلم قلبها وتصورت المستقبل بإشراقة روحها.

استغربت خالتها؛ كيف لهذا الرجل أن يذيب جليد روحها، واستغربت أكثر من نضوجها وتنازلها عن كل دلالها. زدادت الغيرة والفضول من هذا المختلف الذي يهز ما حوله من رجولته ووقاره. فما كان إلا أن ابتلعت ما يتأجج بأعماقها، ورسمت مرغمة السعادة والفرح على ملامحها. تمنت لها السعادة في حياتها حتى حان موعد تحديد حفل صغير بمناسبة تخرجها،
فرفض أميرها إلا أن يجعل الحفل حفلين، وقرر أن يكون مع حفل زواجها. كان عرسًا يتحدث عنه الجميع، وتمم الله لهما في خير، ثم سافرا إلى أجمل الأماكن التي حلمت بها.

وكأنها امتلكت العالم بقبضة يدها، كانت جولييت زمانها مع روميو أحلامها، وكانت علاقتهما تثير الغيرة. وتجبر الكائدين للكيد أكثر مع ماحقق زوجها من نجاح. وما أضحت عليه حياتهما المادية المترفة، وكذا سعادة والديها وإخوتها لا تقدر بثمن.
كان والدها – كعادته – لا ينسى يومًا كل ما يشتهي قلبها، ولاينسى دعواته لها.
كم يحن قلبه لطيشها بالبيت وتصرفاتها! كما جنّ جنون أخوها شوقًا لها ولحيويتها. لا يمر يوم دون أن يطمئن عليها، كما أنها أصبحت سيدة بيت من الطراز الرفيع – خاصةً- بعد مديح والدي زوجها لها ولطهوها وتدبيرها، ولم يخفيا حبهما الكبير لها.
وذات يوم دقّ طارق باب بيتها…
يتبع…

 

صوفياالجزء الخامس بقلم: مونيا بنيو
صوفيا
الجزء الخامس
بقلم: مونيا بنيو

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى