أدبيمقالات متنوعة

قليل من المَنطق

وقت النشر : 2023/10/15 07:43:07 PM

قليل من المَنطق

بقلم: الكاتب والناقد زكريا صبح

أجدني مضطرًا  لاقتطاع  بعض الوقت  والكف عن متابعة  الأحداث فى غزة، أو التوقف عن  الدعاء  لهم، أو الحد من نشر  صور جرائم الاحتلال الصهيونى الغاشم، أقول أجدني مضطرًا للتوقف عن ذلك_ وهذا ما أملكهُ _ للحديث عن قضية  صاخبة حيرت  الناس  فى أرجاءِ المعمورة، وشتَّتت المتابعين، وأجهدت  النشطاء.

وهى قضية الساعة التى فيها وبها  ستنتصر الأمة، إذا خرج محمد صلاح لاعب الكرة المشهور  كى يدين صراحةً وعلنًا وأمام الكاميرات ما يفعله  جنود الاحتلال  بأهلنا فى غزة، ولن يسامحه البعض إذا خرجَ أمام الشاشات  غير  متلفح  بالكوفية الفلسطينية التى بغيرها لن يصل حديثه الى قلوب محبيه، ولن يجدي تصريحه  فى  نفس  الغرب المتغطرس، ولن  تزلزل  كلماته  بغير الكوفية  الفلسطينية الأمم المتحدة، ومن ثَمَّ لن تنعقد الجلسات، ولن تُتَّخذ القرارات  التى تدين وتشجب  وتحذر  ثم  ….
ثم لا شئ  البتة،

لذا لابد أن اتوقف  لمناقشة  الأمر  بهدوء  فى ظل هذه العاصفة الهوجاء التى فرغ أهلها من كل شئ  ليتفرغوا  لصب جام غضبهم على صلاح الذى لم  يقل ( أنا أدعم غزة وأهلها فى مواجهة آلة  القمع والقتل والقهر من جانب العدو، ثم يعود ويؤكد كثيرًا العدو ،العدو ) حتى  يؤكد المؤكد وينعش ذاكرة أصحاب ذاكرة السمك.
محمد صلاح لاعب الكرة  الذى  تفوق على نفسه  فى هذه اللعبة   وتفوق على كثيرين من بني وطنه  فى كونه نموذجًا رائعًا وسفيرًا  مشرفًا للوطن العربى  كله والعالم الإسلامي أيضًا، إذ أنَّهُ بلاشك  غيَّر الصورة الذهنية التى كانت مرسومة  للعربى  فى الغرب وللمسلم والمسلمين فى العالم، أليس كذلك؟
الآن أصبحَ مكروهًا وترك الناس متابعته لأنَّهُ لم  يقل بلسانه  ما وقر فى قلبه وأنا على يقين من ذلك، فليس هذا الشاب من يتنكر  لقضايا أُمته، ولكنَّنا لا نصادر على الناس ولن نشق صدره لنرى ما وقر فيه، وأظُن وبعض الظن إثم أنَّ لديه حسابات أخرى، ربما لا نعلم عنها شيئًا، وربما رأى فى صمته الآن مصلحة للقضية.

أنا استحلفكم بربكم  ماذا لو كان محمد صلاح متبرعًا للهلال الأحمر المصرى بمبلغ كبير من المال  عبر هذه الجهة الرسمية الشرعية من أجل اخوانه فى فلسطين، استحلفكم بالله لو  خيرنا الأهل فى غزة الآن بين تنديد صلاح علَّنا ومن ثم  جر بعض المشكلات له ولعائلته  فى غربته وتبرعه فى صمت بمبلغ  يدعم الاخوة هناك، ماذا سيختارون؟
ثم  لماذا نعول عليه وحده وقد خرجت جموع أمتنا العربية والإسلامية فى مشاهد مهيبة تنديدًا وشجبًا لهذا العدوان الغاشم  فما الذى تغير ؟
ثم أنَّ هناك دولًا قمعت شعوبها  وأجبرتهم على الصمت  فلماذا لم يصب النشطاء جم غضبهم على هذه الدول ورؤسائها، أم أنَّهم آثروا السلامة لأنَّهم يعرفون أنَّ صلاح مأمون الجانب أمَّا الأنظمة فإنَّها ذات يد ثقيلة؟،

أنا أهيب بكل المنتقدين أن يستمعوا لما قاله ربنا ( عليكم أنفسكم لا يضركم  من ضل إذا اهتديتم )
لا تكونوا معاول هدم  لرجل عرفنا عنه أنَّهُ سابق بالخيرات وأياديه البيضاء تشهد  على ذلك، فماذا ستكسب القضية إن أُضير صلاح واضطرّ إلى الرحيل بغير مقابل، كلى ثقة أنَّهُ لو علم أنَّ فى كلمته   إنقاذًا للقضية وإنقاذًا لاخوانه فى غزة  لن يتوانى فى الصدح بها حتى لو جاءت على حساب روحه ونفسه وعائلته ومستقبله..

زر الذهاب إلى الأعلى