رسالة إلى السيدة ماري
بقلم: شيماء حسن محمد
سيدتي الجميلة مي زيادة أو ماري، كم أحببته دومًا ذاك الاسم!
بدايةً، طيَّب الله الثرى الذي حواكِ، وليرحمك برحمته التي وسعت كل شيء.
أما بعد،
تمنيت لو يأتيني طيفك ليساعدني في فهم أمرك، لأقوم بتحضير قدحين من القهوة، ونتسامر معًا ونتجاذب الحديث على مرأى من ضوء القمر وأنغام عود سيد مكاوي وبليغ حمدي وصوت وردة الذي يجعل الجميع عشاقا بلا معشوق.
ليتنا نلتقي أنا وطيفك لتجيبي على تساؤلات قلبي وعقلي وتعطيني مبررًا لحبك.
أخبريني يا ماري، ماذا كنتِ تمتلكين دونًا عن جميع النساء ليغرق كل هؤلاء الرجال في عشقك؟!
كيف جعلتِ هؤلاء العمالقة يخرون متيمين بين يديكِ؟!
وكيف لم ينبض ذلك المتمرد القابع يسار صدرك خلف الضلوع سوى لجبران؟!
أخبريني، ألم يكن بوسعك إخماد تلك النيران المشتعلة في قلوبهم؟
كيف كان شعورك حين رأيت العشق في نظراتهم وأفعالهم؟
هل أسعدك ذلك وأرضى غرورك كأنثى يهواها الجميع؟!! أما كنتِ تشفقين على ضعفهم؟!
أتمنيتِ لهم السلام والشفاء من الجوى، أم تمنيتِ أن يبقوا على الحب وتزداد حولك هالة مشاعرهم المتوهجة تشتعل وتدفىء حياتك؟
ولم جبران، لم جبران يا مي؟!
ما الذي كان يميزه عن البقية؟
أكان وسيمًا عن الرافعي، أم مثقفًا عن العقاد؟!
أكان وقورًا عن عبد الرازق، أم صب عشقًا أكثر من غيره؟!
ما الذي علَّق قلبك بعشقه رغم انعدام اللقاء؟
ألم تشتاقي يومًا للوصل، لأن تتعانق عيونكما وتتلامس أيديكما؟!
أرجوكِ يا سيدتي أخبريني، ألم تضعفي يومًا وتختاري إكمال بقية عمرك بجوار رجل حنون يغدق عليكِ حبًا، وما أكثرهم محبوك!!
ألم تلح عليكِ غريزتك كأنثى في التزود بما يشبع رغباتك الطبيعية الفطرية؟ كيف مرت عليكِ كل تلك الأعوام صامدة على حبك؟!
عشقتِ رجلا لم يحاول أن يأتي مرة واحدة في العمر ولو رغمًا عنكِ ليلقاكِ رغم كثرة أسفاره!
سبعة آلاف من الأميال بينكما، سهول وجبال وصحاري وبحار وانشغال قلبه بالسيدة هاسكل وغيرها من نسائه الكثيرات، لم يعترف بحبه إليكِ ولو مرة واحدة، ولم يشتكِ من مرارة البعاد، كيف اكتفيت بذاك العشق العذري الصوفي وعشقتيه رغم ولعه بالنساء؟
والأدهى كيف استمر العشق عشرين عامًا دون قطيعة أو خصام؟!!!
إجابة واحدة منكِ تشفي صدري، كيف انتهى بكِ الحال بذهاب عقلك حزنًا على رحيل جبران؟
كيف رحلتِ وحيدة بائسة مكلومة رغم كثرتهم؟!
سأخبرك شيئًا سيدة ماري،
أوقن أنك لا تمتلكين جوابا لتساؤلاتي، أوقن أيضًا أن قلبك تمرد عليكِ وأنكِ اتبعتِ خطاه،
أشعر بما تشعرين سيدتي، وكأنني أنتِ، ولدتِ من جديد لتتكرر معضلة العشق غير المفهومة.