مقالات متنوعة
أخر الأخبار

رؤية من وحي يوميات الكاتب عباس محمود العقاد

وقت النشر : 2023/04/09 07:05:14 AM

رؤية من وحي يوميات الكاتب عباس محمود العقاد

تكتبها: شيماء عبدالمقصود

رؤية من وحي يوميات الكاتب..

عباس محمود العقاد

اصحَ يا نايم، ،وحِّد الدايم..اصح يا نايم، ،رمضان كريم..!!

ويبقىٰ المسحراتي، هو صوتُ الحنينِ المُستَدعىٰ من سماءِ الطفولة، هو نداءاتُ اليقَظة بعبقِ الذكرياتِ الحميمة،

لطالما طالَ انتظارُها بلهفةِ المُحبِّ المشتاقِ لذاك الشهر الكريم؛ كل عام.

وفي حضرتهِ سريعًا ما تتبدلُ الأجواءُ الساكنةُ خلفَ الأبوابِ المغلقة، المترقِّبةِ لسماعِ بُشرىٰ اكتمالِ هلالِ شهرِ” رمضان المبارك

، ولن تكتمل تلك الفرحة إلَّا بسماعِ نقر المسحراتي بعصاه الرفيعة، علىٰ طبلتِهِ الصغيرةِ إياها،

فلقد خُيِّلَ لنا من قوةِ تمسُّكنا بتلك العادةِ الطيبةِ أنَّها إحدىٰ شعائرِ الصيام..

وليست عادةً متوارثةً عن أبائِنا، وأجدادِنا منذُ قرون.

لقد كانَ حريصًا جدًا علىٰ أن ينادي كلَّ أسرةٍ بترتيب أعمارهم دونَ أن يُسقط منه إسمًا، أو يُخطئ في النداء.

وعلىٰ وتيرةٍ واحدةٍ، كان يدعو للصغيرِ قبلَ الكبيرِ ويُذكِّر أصحابَ الدور، بأهميةِ زكاة الفطر،

وضرورةِ إخراجها للأقاربِ،والفقراءِ، والمساكين..

ووجوبها علىٰ الفقير والغني. وذلك كان من خلالِ مقطوعاتٍ غنائية صغيرة يُنشِدُها بصوته، يؤديها بإحساس عالي …

لدرجة أنَّ كلماتَهُ تركت فينا أثرًا لم يُمحَ حتىٰ وقتنا هذا ..

والرائعُ في الموضوعِ حينها ..كلَّما كانَ يُنادي عليك، كأنَّك تسمعُ اسمك هذا لأولِ مرة،

أو كأنَّ هذا النداءُ مرسلًا إليك وحدك من أقصى ٰأقصى القمر ..!!

فذاك القمر؛ هو الآخر كانَ له نصيبٌ كبير، في إكتمالِ فرحتنا!!

ضياؤهُ شراعُ الأمانِ في أماسينا الجميلة، يتخلَّلُ الزحامُ معنا، علىٰ طولِ الطريقِ سيرًا..وراء طبلِ المسحراتي ،

يشاركنا الأحاديثَ، والمقطوفات الغنائية، فيجمعُنا تحتَ ظلٍّ بخيالٍ واحد، وعلىٰ قلبِ طفلٍ واحدٍ..

تتشابكُ الأيدي دون خوف، وتلتصق الأكتافُ دونَ فزعٍ أو قلق..

قد تبدو الصورةُ للعيانِ فوضىٰ في ظاهرها، فلك أن تقولَ ما شئتَ عنها، فمِن شدةِ الزحامِ بالمشهدِ لا تزعم أنك تقدر أن تفرِّقَ بينَ بنتٍ أو ولد، صغير كانَ أو كبير.،

لكنك تستطيع أن تقول، أنَّكَ أمامَ صحبة من الورود

متعددالأشكال ،والألوانِ،فيها العودُ الطويلُ، وآخرُ قصير ،فيها المائل والمستقيم..وبالرغمِ من تفاوتِ أعمارنا إلا أنَّهُ كان لا يتجرأ ،

أحدًا منا أن يخل بحدود الآدب ،والأخلاق ،مع صديقه أو، صديقته الجوار.

ومع آخر ِ ليلةٍ بشهرِ رمضان، نودعُ هذا الرجل.. الغائبُ بين طيَّاتِ الأيامِ المُعلَّقةِ علىٰ الحائط.، بأوراق التقويم ..

لحينَ يعودَ لنا من جديد،.لكنَّهُ يظلُّ الحاضرَ بذكراه في قلوبنا،

ولن ننسى لهُ أنَّهُ كانَ يوزِّعُ السعادةَ علينا وقتَما كانت السعادةُ آنذاك ..

لا تُباعُ ولا تُشترىٰ !!

وقتما كانَ يكفينا” كلمة طيبة “حين تقع علىٰ أسماعِنا ..

يظلُّ أثرها ثابت ينمو يومًا بعدَ يوم، لذا تشعبت جذورُ الطيبةِ والمبادئ والأخلاقِ فينا، فصارت شجرةً وارفة،..

نجني ثمارَها الآن بقدرِ المستطاع، لتمرَّ أيامُنا هذه وكفىٰ!!

أقصىٰ أمانينا كانت، قصةٌ نقرأها، أو نسمعها..لنعيشَ في لُبِّ أحداثِها سواءً كانت مغامراتأو تُراثية، او دينية..

كلَّ همِنا أن نخرجَ منها بعبرة، أو عظة..نتسابق مع بعضنا البعض في تقليدِ بطل الحكاية،

ولو لزِمَ الأمر..أن نطير مثله نطير..!!

نصنعُ أجنحةً بأقلِ الأشياءِ بل ويدعونا الفضول أحيانًا لفتح مغارة “علي بابا ” نفتحها !!

وما المانع؟!

طالما الخيال واسع ،وبأقل الإمكانيات كنا نستطيع أن نبنيَ مدينةً كاملة، ونلونها بألوانِ الطبيعة ..لا نَعجزُ عن خلقِ أشخاصٍ وهميين، يشاركونا مدينتنا الصغيرة،

نتعامل معهم بكلِّ ما اكتسبناه من أخلاقٍ وعادات. التي هي في الأساسِ “نسختنا الأصلية” .

أعلمُ..قد خرجتُ عن إطار الموضوع؛ وفي الواقع، رأيتُها فُرصةً لطرقِ ذاك الباب..لأُذكِّرَ نفسي

وإيَّاكم بأشياءٍ آخذها السكان الزُعنوة ،وقهرًا منا، فبدلًا من أن ندافع عنها، ونحميها مخافةَ الإندثار،

وقفنا مكتوفينِ الأيدي، أمامَ شاشاتِ الهواتف، يختفي أثرُها شيئًا فشيئا، نرمي اللَّومَ علىٰ الأجيالِ الجديدة ..

وعدم تمسكهم بكل ما هو قديم ولكنه من المفروض أن نشفق عليهم .!!

“نعيبُ زمانَنا، والعيبُ فينا “

يقولُ عباس محمود العقاد: “وكان المسحراتي يشغلُ الطريقَ بين البابِ والباب _من الأبواب التي يقف عليها _

بكلماتِ الوعظِ أو الدعاءِ، أو التسبيح، ثم يعودُ إلىٰ النداءِ وترديد الأسماء..اصح يا نايم ،وحد الدايم!!

ويقول أيضًا: “وهذه نقلةٌ بعيدةٌ إلىٰ التجديدات “المودرن

لأنَّ “الصوتُ الحي” لم ينقطع قط من الدعاءِ إلىٰ الشعائرِ الإسلامية، أوما يشبه هذه الشعائرُ من لوازمِها الإجتماعية،

ولابأس بالتجديدِ في كل زمان وفي كل عادة.ولكن “الصوت الحي

لا ينفصل عن عاداتِ الإسلامِ في القديم ولا الجديد.

رؤية من وحي يوميات الكاتب عباس محمود العقاد
رؤية من وحي يوميات الكاتب عباس محمود العقاد

زر الذهاب إلى الأعلى