أدبي

البعض لا يستحق الصداقة

وقت النشر : 2023/09/02 01:17:23 AM

البعض لا يستحق الصداقة

كتبت: فاطمة عبد العزيز محمد

البعض لا يستحق الصداقة مقولة حقيقية للغاية، فمع إن امتلاك عائلة داعمة ومحبة هو شيء جيد، ولكن يحتاج الإنسان أيضًا إلى وجود صداقة حقيقية في حياته ليكون سعيدًا.

بعض الناس ليس لديهم عائلات، ولكن لديهم أصدقاء بمثابة عائلات لهم، وبالتالي فإن وجود أصدقاء حقيقيين يعتبر شيء لا يقدر بثمن لكل إنسان.

لهذا فقد تحدث الإسلام في الكتاب والسنة عن مسألة الصداقة فيما يحتاج إليه الإنسان إلى هذه العلاقة، باعتبار أن الصداقة تمثل الإنسان في الصديق الذي يساعد الإنسان ويعاونه ويكون موضع سره وأمانته وأُنسه، لأن الإنسان لا يطيق الوحدة بل يحب أن يعيش مع الآخر لأنه كائن اجتماعي بطبعه، وهي التي تكون خالية من المصلحة وتقوم على الحب والمودة.

ومن أصدق نماذج الأصدقاء في الإسلام الصداقة بين الرسول -صلى الله عليه وسلم- ورفيقه أبو بكر الصديق الذي كان أول من أسلم من الرجال وصدقه وسانده طوال سنوات الرسالة وتبليغ الإسلام.

لكن للأسف، فنحن نعيش في زمن يفتقر للحب الصادق بين الأصدقاء، بحيث أصبحت المصالح المتبادلة هي التي تحكم هذا النوع من العلاقات، وبمجرد ما أن تنتهي المصلحة تزول كل تلك المشاعر الزائفة التي كانت تقدم على أنها حب.

الأصدقاء الزائفين أصبحوا الفئة الطاغية عكس الأصدقاء الحقيقين الذين يمثلون الفئة القليلة والنادرة، ولكن كما هو الحال في أرقى القطع المعدنية الثمينة سيكون من الصعب جدًا معرفة ما إذا كانت أصلية من الظاهر.

ودوما حب المصلحة بين الأصدقاء كالغمامة في صيف مشمس، أو كسراب بقيعة سرعان ما يتلاشى، في المقابل فإن الصداقة التي تحمل حبًا صادقًا يوجد فيها نكران الذات إخلاصًا لمن تتقاسم معهم هذه الرابطة، فيكون الصديق هنا محبًا لك في الله، فتجده الأنيس الناصح، والرفيق الصادق، والجليس العاقل التقي، وهذا مما يمكن تصنيفه ضمن المنح الربانية، فأن تكون ممن يتمتع بصداقة صادقة فأنت منعم بنعمة عظيمة من حيث لا تدري.

لذا لابد للإنسان قبل اختيار أصدقائه أن يختارهم بعناية ويرى إن كانوا صادقين أم لا، وإن كان بإمكانه الاعتماد عليهم وقت الشدة أم لا يستطيع، فيجب أن يكون الإنسان ذا بصيرة في اختيار الأصدقاء، فلا ينخدع بالمظاهر وبحلاوة اللسان والكلمات البراقة التي تظهر المحبة، لكن ما أن يحدث موقف حساس تحتاجه فيه يظهر على حقيقته ويظهر كذبه، لذا لابد من التاني قبل أن تتخذ صديقًا وتبدأ بمصارحته بأسرارك الخاصة وتبوح بماضيك.

وهكذا فقد أمرنا الله سبحانه وتعالى من خلال الأحاديث التالية، أن نختار الصديق الصالح الذي يستطيع أن يعيننا على الطريق الصحيح بدلًا من الصديق الطالح الذي يستدرجنا نحو طريق الانحراف، حيث روى أبو موسى الأشعري عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنه قال:

{إنَّما مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ، والْجَلِيسِ السَّوْءِ، كَحامِلِ المِسْكِ، ونافِخِ الكِيرِ، فَحامِلُ المِسْكِ: إمَّا أنْ يُحْذِيَكَ، وإمَّا أنْ تَبْتاعَ منه، وإمَّا أنْ تَجِدَ منه رِيحًا طَيِّبَةً، ونافِخُ الكِيرِ: إمَّا أنْ يُحْرِقَ ثِيابَكَ، وإمَّا أنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً} رواه مسلم.

وجاء في الحديث الذي رواه أبو هريرة عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنه قال:

{المرءُ على دينِ خليلِهِ، فلينظُر أحدُكُم مَن يخالِلُ} حديث حسن.

 

للمزيد..

ذات صلة
زر الذهاب إلى الأعلى