أدبي

حكايات صندوق جدتي

وقت النشر : 2021/12/09 09:08:28 PM

حكايات صندوق جدتي
بقلم: الزهراء محمد سعيد

في إحدي القرى الهادئة، كان هناك منزل صغير يمر من أمامه النهر، وتحفه الأشجار من الجانبين، عاشت في ذلك المنزل طفلة جميلة، ذات شعر بني جميل، تلمع خصلاته تحت ضوء الشمس، وعينين جذابتين وبشرة بيضاء.
كان اسمها رودينا، وبينما كانت رودينا تتابع كارتونها المفضل، دخلت الأم وقالت:
– هيا يا رودينا، حان موعد النوم.
نظرت إليها رودينا في توسل وقالت:
– لا، ليس الآن؛ أريد أن أكمل الحلقة.
فقالت الأم في حزم وهي تطفيء التلفاز:
– هيا فرِّشي أسنانك، واخلدي إلى النوم.
نهضت رودينا في استسلام، وذهبت لتفرِّش أسنانها، ثم توجهت لغرفته.
تسلل ضوء خافت من غرفة جدتها، كانت الجدة طيبة الملامح ذات شعر رمادي.
طرقت رودينا الباب طرقات خفيفة، فجاء صوت الجدة قائلة: – تفضل بالدخول.
دخلت رودينا، فقابلتها جدتها بابتسامة حنونة، وقالت وهي تمسح على شعرها:
– لا ترغبين في النوم؟
قالت رودينا:
– نعم، إني أشعر بالملل هنا وحدي.
فابتسمت لها جدتها وقالت:
– سأخبرك سرا لن تشعري بعده بالملل أبدا، لكن عديني أنه سيكون بيننا فقط، ولا تخبري به أي شخص.
فقالت رودينا في لهفة:
– أعدك، لكن ما هو هذا السر؟!
نهضت الجدة، وفتحت خزانة الملابس، فأزاحت بعضها، وطلبت من رودينا مساعدتها، ثم أخرجت صندوقا خشبيا حملته معها رودينا.
كان صندوقا خشبيا متوسط الحجم قديم، عليه زخارف عجيبة، وقفله على شكل زهرة اللوتس.
قالت:
– هذا سرنا الصغير.
فقالت رودينا:
– ما هذا الصندوق؟ هل هذا هو السر؟!
قالت الجدة:
– لا تتعجلي، إن له قصة عجيبة.
فقالت:
– وما قصته؟
ابتسمت الجدة وقالت:
– كان هناك رجل غني جدا، وكانت له ابنه حزينة، ووحيدة طوال الوقت، خاصة بعد موت أمها، لاحظ والدها حزنها، حتى أنها بدت وكأنها مريضة، فجمع كل الحكماء والسحرة، وطلب منهم أن يصنعوا شيئا يسعد ابنته، ووعدهم أن من ينجح سوف يمنحه كنزا ثمينا.
تسابق الجميع ليصنعوا شيئا ينال إعجاب البنت، فصنع البعض ألعابا، وآخرون صنعوا دُمى، لكنها لم تُسعدها، حتى جاء آخرهم وكان ساحرا، فأحضر معه ذلك الصندوق.
نظر الرجل وابنته في تعجب؛ كيف لهذا الصندوق أن يسعدها؟!
فأخبرهم الساحر أنه صندوق سحري؛ عندما تفتحه وتنظر فيه، يأخذك إلى عوالم سحرية مختلفة؛ أدغال، بحار أو حتى بين الأقمار.
انبهرت البنت جدا، وفتحت الصندوق، وبالفعل عادت لها ابتسامتها، وعاشت مع صندوقها السحري، وتناقلته عائلتها حتى آل إليّ.
هذه البنت هي جدتنا الكبري.

كانت رودينا تستمع، وقد لمعت عيناها، فقالت في لهفة:
– إذًا هيا نفتحه.
ابتسمت الجدة وقالت:
– تأخر الوقت، هيا إلى النوم، ثم نفتحه غدا إن شاء الله.
استسلمت رودينا وقبَّلت جدتها، وتوجهت لغرفتها، وباتت ليلتها تفكر في الصندوق، ونامت وهي تحلم بحكايات صندوق جدتي.
يُتبع

ذات صلة
شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى