مقالات متنوعة

رمضان في دولة أوزباكستان

وقت النشر : 2022/04/17 01:40:58 AM

 

كتب: أمينة حاتم

دولة أوزباكستان التي دخلها الإسلام بعد فتح المسلمون لبلاد فارس هي بلاد العلماء الذين أثروا التراث الإسلامي كالإمام البخاري أشهر رواة الحديث الشريف، والخوارزمي والترمذي وأبي الريحان البيروني والنسائي وابن سينا والزمخشري وغيرهم من العلماء.

رمضان في دولة أوزبكستان
رمضان في دولة أوزبكستان

أوزباكستان دولة تقع في آسيا الوسطى وهي أكبر دولها من حيث المساحة التي تبلغ أقل من نصف مليون كيلو متر مربع ( تحديداً 477,400 كيلو متر مربع)، وعدد سكان يزيد حالياً عن 34 مليون نسمة ، من بينهم 92% يدينون بالديانة الإسلامية . هي دولة دخلت في الإسلام زمن الدولة الأموية في القرن الثامن الميلادي ليعتنق أغلب سكانها الإسلام ولتنجب قادة الفكر والتنوير الإسلامي . ينتمى سكانها إلى مجموعة من العناصر التركية ، ونسب ضئيلة من القازاق والتتار والطاجيك والقاراقلباق وجميعهم من المسلمين.

عاشت أوزباكستان قرابة مائتى عام كجزء من الامبراطورية الروسية ، ومع سقوط الامبراطورية وظهور الإتحاد السوفيتي أصبحت تابعة له. ورغم النهضة التعليمية والصناعية التي شهدتها في العهد الشيوعي، إلا أن الدين الإسلامي واجه بها ماعرف بالتقنين الديني وتم إغلاق المدارس الدينية وأغلقت وهدمت آلاف المساجد، كما و أن لغة الأوزبك ـ وهى لغة الأوزبكية الرسمية هي مأخوذة من التركية ، و كانت في البداية يكتبوها بحروف العربية ثم استبدلها الشيوعيون بالأحرف الروسية ليقضوا على اللغة العربية تماما . وما لبث الأمر إلا أن تحولت العاصمة من سمرقند إلى طشقند فصارت هي العاصمة الأوزبكية وأهم مدنها من قبل النظام الشيوعي في محاولة منه لطمس الهوية الإسلامية غير العاصمة إلى طشقند ثاني أهم مدينة .

وحينما انهار الاتحاد السوفيتي أعلنت أوزباكستان استقلالها عنه في ديسمبر من عام 1991، وانضمت فيما بعد إلى عضوية المؤتمر الإسلامى عام 1996
ورغم إستقلال أوزباكستان ومناداة الكثيرين بقيام دولة إسلامية ، إلا أن الرئيس الذي تسلم السلطة بها آنذاك وهو إسلام كريموف عارض ذلك بشدة وضيق على المسلمين الذين واجهوا خلال فترة حكمه قمعا شدياً حتى وفاته عام 2016.

وبدأت بعدها الصحوة الدينية للأوزبك وأعلنوا عن دياناتهم وهويتهم الإسلامية وأقاموا شعائرهم الدينية . وتم فى 15 مارس من عام 2018 افتتاح معهد الدراسات الشرقيه بالعاصمة طشقند وهو يضم مجموعة كبيره من المخطوطات الإسلامية المعروفه باسم مجموعة البيرونىا والتي تزيد عن خمسين ألف مجلد ، كما تأسست أكاديمية أوزباكستان الإسلامية الدولية، وتأسس بأوزباكستان مقر الإدارة الدينية لمسلمي وسط آسيا وقزاخستان، ، ومكتب العقيدة الإسلامية.

استقبال رمضان فى بلاد البخارى:
يستقبل شعب أوزباكستان رمضان بمجموعة من الطقوس في مقدمتها زيارة الأقارب والأصدقاء قبل حلول الشهر الكريم لتفقد أحوالهم واستعدادهم لهذا الشهر، ومنحهم المبالغ النقدية أو العينية ابتهالا بهذا الشهر، وحتى يتمكنوا من توفير متطلباته .

ويبادر الرجال الأوزبك بالتوجه إلى المساجد لتنظيفها وتزيينها ، بينما تتولى السيدات بتنظيف وتزيين منازلهم استقبالا للشهر ، وفى المساجد صناديق يجمعون فيها الأموال التي تخصص في الشهر الكريم لإعداد وجبات الإفطار والسحور. وتنشط الجمعيات الخيرية فى هذا الشهر لإفطار الصائمين وتقديم ملابس عيد الفطر للمحتاجين، علاوة على تطوع بعض أصحاب المطاعم بتقديم وجبة الإفطار مجانا، مع ملاحظة أن المطاعم فى أوزباكستان تغلق خلال يوم رمضان ولا تفتح إلا لتقديم وجبات السحور.

من عادة الأطفال في أوزباكستان أن يتجمعوا ويمروا سويا على بيوت الجيران والأقارب والمعارف يهنئونهم برمضان وينشدون الأغانى الدينية الرمضانية انتظارا لمكافأتهم بالحلوى وبعض النقود.

ومن السمات البارزة والمميزة لرمضان في أوزباكستان سمة الإفطار الجماعي الذي يدعوا إليه صاحب البيت حتى قد يصل المفطرون من الأهل والمعارف المائة صائم؛ والجميل في الأمر أن أهل البيت احتفاءا بضيوفهم يحرصون على أن يظلوا في خدمتهم ولا يبدءوا فى فطورهم إلا بعد أن ينتهي الضيوف.

وبعد الإنتهاء من الإفطار يقوم أحد الضيوف بتلاوة آيات من القرآن الكريم ويدعوا لصاحب البيت بالسعة والبركة . ثم ينصرف الرجال لصلاة التراويح بالمساجد، وهم يصلونها عشرين ركعة مع ختم القرآن الكريم. وعادة ما يجلسون بعد صلاة التراويح لإحياء ذكريات تاريخ أجدادهم من قادة الفكر والتنوير فى الإسلام.

رمضان في دولة أوزبكستان
رمضان في دولة أوزبكستان

وإذا كان الشعب الاوزبكستاني لا يتحدث العربية ، بل يتحدثون اللغة الأوزبكيه أو الروسيه، إلا أنهم يستشعرون معاني القرآن الكريم، بل ويقلدون في تلاواتهم أصوات القراء المصريين من أمثال الشيخ مصطفى إسماعيل، والحصري، والمنشاوي ، ومحمد رفعت.
ولأن أوزباكستان تقع في آسيا الوسطى ، فقد تصل ساعات الصيام لديهم فى بعض الأوقات ما بين 16- 18 ساعه صيام. ولأن رمضان كثيرا ما يتزامن مع فصل الشتاء لديهم الذي يتسم بالبرودة والرطوبة ، سنجد أنهم يهتمون في إفطارهم وسحورهم بتناول كميات كبيرة من الدهون التي تمنحهم الدفء خلال ساعات الصيام في هذا الوقت، خاصة وأن اوزباكستان تشتهر بالثروة الحيوانية كالخراف.

وإذا تطرقنا للحديث عن الأطباق الرمضانية المشهورة لدى الأوزبك، سنجد من عاداتهم الرمضانية بعد أن يبدءوا الإفطار بالدعاء أن يفطروا بتناول السلاطات كطبق أول، ثم يتناولون ” المستوة” وهو عبارة عن طبق شوربة مصنوع من الأرز واللحم والدهن المضاف إليه الماء والزبيب. ثم يتناولون ” السومسا أو السمسا” وهي نوع من عجائن المقبلات المحشوة بالعصاج، والمعروفه لدينا بالسمبوسك. بعد ذلك يتوجهون لصلاة المغرب ليعودوا مرة أخرى لتناول وجبة الإفطار الأساسية المعروفة لديهم باسم” البلوف” وهي تصنع من الأرز المحمر في دهن الخراف والمضاف إليه الجزر والحمص ولحم الخراف، كما يقدمون أسياخ اللحوم المشوية مع شرائح البصل الطازج المغطى بالخل، ولا بد أن تضم مائدة الإفطار أباريق الشاى الأحمر والأخضر ؛ ومن الملاحظ أنهم يشربون السوائل بصفة عامه من ماء وشاي وحتى الشوربة فى سلطانيات، أما وجبة السحور فيتناولون خلالها وجبة ال ” أش ” وهى عبارة عن الأرز البخاري بلحم الضأن .

زر الذهاب إلى الأعلى