أدبي

كنت يوما

وقت النشر : 2022/05/25 12:08:30 PM

كنت يوما

بقلم: بشائر حميد محمد

 

أذكر جيدا تلك الشجرة التي ولدت

منخاصرتها، ولادتي كانت عسيرة، مريره.

ترعرعت على أطراف منحدر يطل على

جدول أزرق احتضن الكثير من الكائنات

الرائعة ، لطالما رأيت الأسماك ترقبني

بفضول وهي ترى الريح تداعب أغصاني

بحب، وما أكثر ما غفت بين جنباتي

صقور عشقت هامات الفضاء الواسع

حيث كنت أدنو لعناقها ، وفي ليلة ربيعية

سهرت طويلا فنمت متأخرا على أزيز

حفلٍ أقامته بعض الحشرات حولي

لأستيقظ في شاحنة كبيرة تنقلني بين

الوديان، رأيت قومي يودعوني بحفيف

حزين لم يسمعه غيري أنا ومن كان معي

من إخوتي، مررنا بجرف النهر وكانت هذه

أول مرة أنزل إلى هناك فإذا بالأسماك

تهرب من هدير الشاحنة المرعب، لم أعط

الوقت الكافي لأودعها، كنت خائفا جدا

وبقية اخواني من حولي أيضا، غضة

بعض الأغصان ولدت توا ، وما كنت أجد

جوابا لأسئلتها اللحوح ، وصلنا الى مكان

بارد، مليء بوحوش عملاقة ،انتزعوا

لحائنا، ونتفوا أوراق شعرنا ، قطعونا إربا،

إربا صرخت وما استجيب لوجعي، جيء

بأنياب حديدية وراحوا يغرسونها

بأحشائي، لم أكن أعرف سبب هذا الحقد

المسلط تجاهنا، وماذا اقترفنا..!

 

وعندما انتهى ذلك المهرجان وجدتهم

ألبسوا كل منا قناعا جديدا وما عرف

أحدنا الآخر.

وتمر السنون وأنا في غربة أسعى إلى

الخلاص من وجع الشوق لذلك المرج

الأخضر ، هرمت وأنا أستمع لأوجاع

الآخرين ، ربما أحيانا أبتسم لفرحة غامرة

تنتاب من حولي فأشاركهم عسى أن

أنسى لبرهة ، تعبت وماعدت قادرا على

حمل المزيد، تكسرت قدماي لطول ما

وقفت ، وبدل من أن أشكر على تضحياتي

رميت في حاوية باردة مع القمامه ، غزا

النسيان أفكاري، وبت كما لو أنني لم أكن

، لأستيقظ ذات ليلة شتوية باردة على

رائحة جسدي المحترق، فتذكرت حينها

أنني كنت يوما شجرة .

كنت يوما
كنت يوما

 

 

ذات صلة

 

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى