أدبي

الشك

وقت النشر : 2022/07/28 07:07:01 AM

الشك
بقلم: شيماء عبد المقصود

يتسللنا أحيانًا شعور غريبٌ حديثُهُ، وكثيرًا ما حاولنا أن نتلاشاهُ حتى لا نضعفُ أمام شغفِ الاطلاع على صورته الحقيقية، ولا يأخذنا الخضوع لمُجرياته سفهًا بغير علمٍ، وحتي لا تستقرُّ بداخِلًنا فكرةٌ مًظلمة لا سبيل لها من النجاة إلا إذا حُقِّقَ في براءتها وثبتَ نورُ الحَقِّ في تبْيَانِها.

فدائمًا وأبدًا يأخذُنا ذاكَ الشًّعور ليتحدى فينا حقيقةُ الوصول
إليه ويأسُرنا تحتَ قوته الغاشمة بأنَّه لا مفرَّ من أنَّ كُلُّ نفسٍ مهما بلغت قًدسيَتُها وتحَكُمها في شهوات الحياة ستندفعُ أو تميلُ في تياره، فإذا كُتِبَ عليكَ قدرًا أن تندفعُ يومًا فيهِ وتُنازعُ نفسك حالَ خضوعها إياهُ، فلا بُد أن تتحقق جيدًا حتى لا تُفتَنْ بشعاراته الواهية تحتَ ظلالِ سمائه، فلا يَغُرنَّك كُلَّ من احتمى بظلالهِ، فعند أول بصيصٍٍ له من بين ثنايا قلبك ستُمطِّرُ فتنا لا يُحمَد عُقباها.

فما عليكَ إلا أن تتخِذَ من انسانيتك وقوة إيمانك قنطرةُ عبور لتنجو بيقينِ وبرهان الحقيقة، وتقطعُ من ورائك أحبالَ التَّعلًق بذاك الشُّعور الشهواني الشَّيطاني، ضعيف الفكر، عدو السَّلام ألا وهو “الشَّك”.

ذات صلة

تخيل معي كيف حالُنا لو لم يتجدد هذا الشَّك في منوالِ حياتنا بينَ حينٍ وأخر؟! ستُصبح الحياة أمنة مطمئنة بالفعل، كننا سنظلُّ في أمَسِّ الحاجة إليه، فكما له عيوبٌ له مميزات أيضًا؛ فهو سلاحٌ ذو حدين؛ سلاحٌ بشري إذا وجَّهَهُ السَّاعي في سبيله لطريق الشّر، لا يتَأتى من ورائه إلا كلُّ فكرٍ عقيم يُورِثُ الضَّعف، فيُصيبَ كُل من اقتربَ منهُ ويلتَهِمُه كما تاكُل النارَ الهشيم.

ومن الناحيةِ الأخري سلاحٌ لا يهتدي به إلا المفكرون والعلماء
بل ويعتبرونَهُ هو الأوحد في قيام نظرياتهم وتأكيد نجاحاتها، وعدم تواجد الشَّك بين تلكَ النظريات القديمة والحديثة لما توصَّلَ العلْمُ لكلِ ما هو جديد، وهو الدَّافعُ الأساسي وراءَ البَّاحثينَ في كُلِّ المجالات. قد يكون أثره عاصفةٌ تقتلع القلوب من جُمودِ حقيقتهِ، وقد يكونُ شُعاع نور ينبعثُ من ظُلْمة قبوٍ يهب السائلين ضياءه.

يقول محمد حسين هيكل: فإذا كان للمؤمن طمأنينة بإيمانه وبسعادة بطمأنينته التي تبدو أمامه ثم تخفي، لكنه مع ذلك لا غنى له عن إيمان يسلط عليه شهوات فكره، كما أن المؤمن لا غنى له عن مواضع شك يستريح عندها إلى أنه ما زال يفكر.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى