أدبيمقالات متنوعة

لست أذكرهُ ولست أنساه

(من ديوان بحار الشوق)

وقت النشر : 2023/09/24 11:52:42 PM

لست أذكرهُ ولست أنساه

(من ديوان بحار الشوق)

بقلم: محمد السيد السعيد يقطين

أهدي حياتي..
إلى من سيظل ذكراهُ في قلبي أمدًا طويلا،
إلى من رأت فيه نفسي وفاءً جميلا،
إلى الذكرى التي عاشت نفسي لأجلها..
ولم تبالِ بوجعي أو تشتكي تيها؛
بل رأت في الآلام إشراقةً وأملًا جديدا،
وراحت نفسي تفتش عن حبها؛
فلم تجد إلا شوكًا ورمادًا ولهيبا

قد خدعت نفسي زمنا وحينا،
ولم ترحم ممن خانها ظلمًا مُبينا،
وصرت للفناء أمضي سريعا،
ولا جفت دموعٌ من عيني أبدا،
ولا حزن رحل عني يوما؛
فلا يا نفس به ترضين حبا

قد كفاكِ يا نفس منهم هجرا،
قد لقيت من الأيامِ همًا وغدرا؛
فالحب قد صارَ للمُحبِّين عجبا

اذهبي عنهم، واهجريهم طويلا؛
ما أريدك أن تحزني عليهم أبدا،
ومرت علينا السنون عددا،
وجلت الحقيقة لنا شمسا..
قد ظلمنا حبنا ظلما

إنَّ حبيبتي أحبتني صدقا،
إنَّها لم تخنِّي يوما

ما كان في رأسي إلَّا وهما..
تلك حقيقة عرفَتها نفسي حقا..
بعدما رحلَ المحب، ومن أحببنا،
وتقطع القلب عليه حزنا

آه لقلبي الآن يعتصر ألما؛
قد هدَّهُ الإعياءُ هدًّا،
وبكى لأجله دمًا وحزنا
****
أهواك يا من فارقتنا،
يا من ضيعناك بأيدينا
فراقك قد آلمنا؛
كان ظلمًا مني قاسيًا،
أمضيته بسهامِ الشك فيها؛
فأرداها قتيلةً؛
فكان مأثمًا مِنِّي عظيما

ومشيتُ خلفها كقاتلٍ يودعها،
إنِّي بيدي قد قتلتها،
وجعلت نفسي أبكي حياتي كلها..
لفراقِ حب،
أمضي حياتي كلها
في سعادةٍ مكتفيًا بحبها

والآن..
من نحب قد فارقنا،
وانتهى كلُّ شئٍ بيننا،
وما زالت هي أمامي أناجيها،
وهي تراني بعينيها وقلبها،
أبكي رحليها عنا وتبكينا،
وتجعلني أعاتب نفسي أقاضيها،
وعقلي الذي حار فيها

لمَ ظَلمتُها وأضعت عمري وعمرها؟!
لمَ يا نفسي؟!
ألستِ نفسًا خُلقتِ لي،
أم لعذَابٍ أَنتِ جُعلتِ لي؟!

ويحك يا قلبي..
أهلكتني، وهلكت بي..
لمّا سكت في الماضي!

لمَ لمْ تتدفق لهيبا من دمي؟!
ما زال حبها فيك يسري،
والموت فيك أكيد وجلي،
هل من بعدها ستعيش..
أم إلى نداء الرحيل تلبي؟!
يا قلب أجبني.

آه منك يا عقل ظلمتني؛
قد كانت تسكن فيَّ

هي الحياة تجري بدمي،
وإنَّ الموت قبلها قد جاءني،
وليس في الحياةِ يشقى غيري،
وضميري شاهد وعيني

أحاكمٌ أنت عدلٌ قضاؤك؟!
كلا بلْ أنت ظالم مستبد بي

العين رأت منك كثيرًا،
وهالها مرير دمعي وحزني..
وحبها الساكن بي

ويومًا سترى براءتي

كنت إذا لم أره يوما..
تسمعت الأذن خفقانا لقلبي،
والآن تبكي وتشتكي،
وتقول ويلي ومهلكي..
أقاتل أنت؟

نفسك قتلتها وقتلتني؛
فلمَ أنت تبكي وتشتكي؟!

أترك الجراح لعلها يومًا تنتهي
****
وبينما أنا في حزني.. حيرتي،
وقلبي مهمومٌ ونفسي..
إذ بأطيافِ حُبِّها تهفو إليَّ،
وتشتاق إليها نفسي ومحبتي،
وبركانُ حُبٍّ باللهيبِ يطغى

حبيبتي وحبيبة قلبي،
حبك طغى قهرًا عليَّ

***
فقمت أخطُّ رسالةً بيدي،
أناجي بُعدَها عنِّي،
وأشكو إليها غربتي ولوعتي

وفي النارِ ألقيتُ رسالتي؛
فصارت حُطامًا من اللهيب،
وانتشرت ذراتُها لتملأ الوادي؛
فارتسمت حبيبتي لي

وبأرقِ العبير نادتني،
وقالت:
طِب نفسًا حبيبي،
وقرّ عينًا رفيق عمري،
يا أعز الناس لقلبي،
وبعد الرحيل نلتقي.

آه! قد عادت الروح إلىَّ..
بعدما ظننتُ أنِّي مقضيٌّ عليّ

كل يوم فيه غبت عني؛
سألت نفسي:
متى الروح يا فؤادي تعود إليَّ؟!
حتى رآك القلب قربًا إليَّ
آه لن أنساك..
والدهر شاهد عليَّ

ذكراك محراب..
تزاوره مع الأيام نفسي؛
فقد زودت نفسي بحبك،
وسوف أسير؛
لأصل إليك حبيبتي.

ذات صلة
زر الذهاب إلى الأعلى