أدبي

الغرور

وقت النشر : 2022/09/02 10:50:38 AM

الغرور

الجزء الأخير

بقلم: الأميرة مونيا بنيو

مرّ شهر بعد كل هذه التغييرات السريعة دون أن أنفد كل تهديداتي استغربت من سحر هذا الرجل الذي قلب حياتي رأساً على عقب..

وأهداني كل أحلامي على طبق غرور. أهداني لحياتي حياة أخرى. أجمل من أحلامي.

انتزع مني الغرور وترسبات حياتي التي كنت أراها في بلاد الغرب. بدّل حياتي القديمة وشتاتي وطيشي ..

كنت أرى تغييري في كل مرة. كل أسبوعين أكتب الكثير من الصور الإيجابية التي أتلقاها منه ويبقى عندي ذاك الشعور بالقيد .. أو أكثر.

ثم أعيد النظر في أفكاري أحياناً، وطوال هذه المدة. ومن بعد الخطبة لم أفكر بالنفاق بل كنت جد صادقة ..

لم أستطع أن أنفذ تهديداتى أبداً حتى أنني لم أكلم جدتي و لم نتحدث يوماً عن صديقتي التي كنت قد رشحتها له بديلاً عني.

كنت أتواصل مع مهدي لما أحس بداخلي. لأعود وأهرب من عيون جدتي حين تقول لي:

أين وصل مخطط نفاقك؟

أضحك كثيراً فتقول امممم…

لقد رزقني الله روحاً تشبه الأحلام التي تمنيتها استعدت روح تلك الطفلة الحالمة التي أحبها مهدي بل وأحبها جداً ..

لكنه لم يستطع أن ينسيني أحلامي الكبيرة الشاهقة ..

و ذات يوم كنتُ أتمشى. رأيته عائداً إلى البيت، وبدت ملامحه أكثر جاذبية.. و قوة

وقد تغيرت به أشياء كثيرة. إذ بدا أكثر أشراقا مما كان، لقد ظهرت في ملامحه ورود حبي والسعادة..

ففي بريق عينيه قوة فوق قوة شيء في وجهه يشبهني وتحدياتي. وشيءٌ في قلبه يشبه قلبي ..

أي سحر وأي جرعة أهدتها لنا الحياة ما هذا؟

لم يعد خطيب وحبيب فحسب ..

ألقيتُ عليه السلام. بدا براقاً وحالماً ومغامراً، يشبهني كثيرا حالماً. لم ينظر لعيني وروحي كما كنت أفعلُ أنا دائماً ..

بل كان أفضل مني بكثير ..

فعلا إنه شخصية خرافية. مختصرة كل العبارات!

و كم بدوتُ أشبهه، إنها مبادرة تستحق العناء ..

طلبتُ منه أن يأخذني لكل الأماكن ووصلت إليها، لم يتحدث معي في الطريق ولم ينطق بأي كلمة. تركني أقود السيارة و في ملامحه خوف كبير عليّ ..

لم أشعر أن طباعه ستعوق حريتي وطموحاتي وأحلامي …

تحدثنا كثيراً عما يخصُ حياتنا معاً حكيت له عن أحلامي، عن مخاوفي السابقة كنت كتاباً مفتوحاً مبسطاً سهل القراءة ..

ثم سألته: لم كنت مصراً علي، رغم معرفتك بعدم قدرتي على العيش هنا؟!

قال وهو يشعل سيجارة: نعم لم أكذب على نفسي يوماً ولستُ من الرجال الكاذبين في مشاعرهم يا عزيزتي. كنت أعلم أنني سأنجبك من جديد وسأعلمك وسأغرس فيك حبي وأسقيك دون كلل أو ملل.

قلت له: لماذا لم تكن جريئاً ولم تزعجني ألم أقل لكِ دوما أنك صديق وأننا سنبقى أصدقاء؟

فابتسم قائلا: لقد سكنت قلبي وروحي منذ زمن،

وهذا لا يعني أن أرغمك على حبي !

قلت له: أنا أيضاً أفتقد الأمان وخائفة من كل الرجال.

فقال لي: دعينا نكون عقلانيين مثاليين

حتى بعد استقرارك هنا أو سفرنا هناك. ليشعر من حولنا أننا فعلا لسنا إلّا أرواحاً طيبة التقت بعد توفيق الله.

فقلت: ليس هناك أجمل من هذا أليس هذا ما يدعو له الجميع؟

فقد بدأنا بالتعافي من جنوننا الصبياني ..

و يمرُ الآن عام كاملٌ دون أن يبعد أحدنا عن الآخر

لمت نفسي كم كنت قصيرة النظر ..

تحدثنا عن جنوننا وكم كنت أعتقد أنه لاتناسب أحلامي وسيخنقني. وأخبرته أنني كنت أعتقد أنه رجل تقليدي. وأخبرته بكل شيء ..

فقاطعني، قائلا: لا داعٍ، لننسى ماكان ونستعد ونسعد بما سيكون ..

وبعد برهة صمت قلت له:

هل تذكر أفراح الطفولة؟

قال: نعم كنت تلك الأميرة المتعجرفة المجنونة.

فضحكت وضحكتُ كثيراً. تحدثنا عن شجاعته وإنقاذه لي دائما من بعض التوترات والمشاجرات آنذاك، وعن زفافنا الطفولي المليءِ بخجلنا وسخريتنا في الصغر.

في تلك الجلسة ضحك بشدة وبغزارة. وقال: هل ستعود تلك الايام.

فقلت: أكيد طبعا إن شاء الله، لكن ونحن أنضج وأصدق.

فقال: إنك أميرتي التي لطالما تمنيتها

فقلت له:وأنت الخرافي الذي اختاره لي القدر، نعم نعم، لقد سحقتَ بجمال روحك كل غروري ..

انتهت.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى